الخميس، 2 أكتوبر 2014
الاثنين، 22 سبتمبر 2014
الأحد، 14 سبتمبر 2014
حكم التمثيل والمشاهد الَّتي تسمى بالإسلامية - العلامة أحمد النجمي
سئل العلامة أحمد النجمي رحمه الله:
فضيلة الشيخ ما حكم التمثيل والمشاهد الَّتي تسمى بالإسلامية؛ خاصة أن من يقوم بِها ممن ظاهره الصلاح والاستقامة، وما الحكم إذا كان من يقوم بالتمثيل يتقمص شخصية يهودي أو نصراني أو غيرها من الديانات غير الإسلام، وجزاكم الله خيرًا؟
ج: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فالتمثيل من أساسه حرام:
أولاً: أنه لا ينبني إلا على الكذب، فالكذب والتزوير سُداه، ولُحمته.
ثانيًا: أن الكذب يتفاوت بسبب ما يحصل فيه من التمويه وقلب الحقائق، والكذب في التمثيل من أعظم الكذب، والله سبحانه قد ذم الكذب وأهله في آيات كثيرة، والنَّبِي ج قال: (إياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب، ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذّابً)متفق عليه.
ثالثًا: أنّ من مبانيه التصنع، والتزوير، وهذا أيضًا حرام.
رابعًا: فيه تقمص الشخصية، ولعل المسلم يتقمص شخصية الكافر، ولعل الفاسق أو الكافر يتقمص شخصيةً عظيمةً من أهل الإيْمان، كأن يكون صحابيًّا أو يكون من الدعاة المصلحين فيتقمص شخصيته رجل فاسق أو فاجر، وهذا فيه من الكذب، والاستهتار بمقامات أهل الإيْمان ما فيه.
خامسًا: فيه التصنع؛ وهو أن يتصنع البكاء أو الضحك أو الحزن أو العجب وهو بذلك كاذب.
سادسًا: أنَّهم يزعمون أنَّهم يعالجون به مشاكل في المجتمع منتشرة، وهذا الزعم باطل من أساسه, بل إن التمثيل يُعلِّم من ينظرون إليه الخداع، والخيانة، فهو لا يعالج هذه الأمور، ولكن ينشرها بين الناس، ويكثِّرها، ويكثِّر أهلها.
سابعًا: أن معالجة الانحرافات لَم يكن بالتمثيل؛ بل قد عالج الإسلام انحرافات الجاهلية بدون تمثيل بل بالعرض السماعي، والله عز وجل يقول: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ﴾ [التوبة: من الآية6]. ولقد انتشر الإسلام في ربوع الأرض بعرض كتاب الله على السامعين، وبيان الإيْمان وخصاله، والكفر وخلاله، وما جعل الله للمؤمنين في الجنة، وما أعد للكافرين من العذاب المهين، وأنواع النَّكال الذي لا يوصف؛ قال تعالى: ﴿وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ -15, مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ -16, يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ﴾ [ابراهيم:15-17].
لقد نجحت دعوة الإسلام بنجاح أصحابِها، وما احتاجوا إلى تمثيل، واليوم لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.
ثامنًا: أن التمثيل من نتاج أذهان الكفرة الفجرة، ونحن حين نعمل به، ونطبقه؛ نكون قد أخذنا بما أشاعه وعمله أعداؤنا الكفار، فربما أنا نخذل وينصرون علينا؛ لكوننا قلدناهم فيما نزعم أنه دعوة لديننا، ونصرة له.
وإني أنصح كل من يقومون على مثل هذه الأمور في المدارس والمعاهد والكليات أن يتقوا الله وأن يحذروا من الوقوع تحت هذه الطائلة؛ بأن يقلد أو يأمر بتقليد الكفار، وتقمص شخصياتِهم.
وكذلك أنصح الشباب الذين يؤمرون بتنفيذ التمثيليات والمشاهد, أنصحهم بعدم الموافقة على إنفاذ مثل هذا الأمر؛ لأنه أمر محرم لا يجوز فعله إذ أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وأنت يا أخي الشاب حينما تتقمص شخصية كافرة يهودية أو نصرانية أو ملحدة؛ تكون قد أنست إلى الشخصية الَّتِي قد تقمصتها، وقبلت بأن تمثلها؛ أما تخشى أن يغضب الله عليك ويسلب الإيْمان منك، فتكون مواليًا للكفار، وتكون معهم في قعر النار، والعياذ بالله؛ علمًا بأن الذين يأمرون بمثل هذا؛ قد خانوا الأمانة الَّتِي في أعناقهم، ولَم يؤدوها على الوجه المطلوب؛ لأنَّهم وإن كانوا متأثرين بنصرة الإسلام، ومحبين لها فيما زعموا إلا أنَّهم حين يجعلون الوسيلة تقليد الكفار ربما أن الله يغضب عليهم، فتكون تلك المعالجة سببًا في نصرة الكفار على المسلمين, وإذا كان أصحاب النَّبِي ج قد خذلوا، وانتصر عليهم الكفار في تلك الموقعة، وقتل منهم سبعون رجلاً في موقعة أحد بسبب أنَّهم عصوا أمر رسول الله ج في شيء واحد، وهو قوله لهم: (إن رأيتمونا تخطفنا الطير، فلا تبرحوا مكانكم هذا حتَّى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا هزمنا القوم، وأوطأناهم، فلا تبرحوا حتَّى أرسل إليكم).
فيا إخوة: أرجو أن تفكروا جيدًا، وتعلموا أن طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم هي السبب الوحيد في النصر، وبالله التوفيق.
وصلى الله على محمد، وعلى آله وصحبه.
المصدر
الفتاوى الجلية -15 -بتصرف-
الجمعة، 12 سبتمبر 2014
من علامات الزُّهد في الدُّنيا
قال ابن رجب -رحمه الله -:
"أنْ يستوي عندَ العبد حامدُه وذامُّه في الحقِّ ، وهذا من علامات الزُّهد في الدُّنيا ، واحتقارها ، وقلَّةِ الرَّغبة فيها ، فإنَّ من عظُمتِ الدُّنيا عنده أحبَّ المدحَ وكرِهَ الذَّمَّ ، فربما حمله ذلك على تركِ كثيرٍ مِنَ الحق خشيةَ الذَّمِّ ، وعلى فعلِ كثيرٍ مِنَ الباطلِ رجاءَ المدح
، فمن استوى عنده حامدُه وذامُّه في الحقِّ ، دلَّ على سُقوط منزلة المخلوقين من قلبه ، وامتلائه مِنْ محبَّة الحقِّ ، وما فيه رضا مولاه ، كما قال ابن مسعود : اليقين أنْ لا تُرضي النَّاسَ بسخط الله . وقد مدح الله الذين يُجاهدون في سبيل الله ،ولا يخافون لومة لائم .
وقد روي عن السَّلف عبارات أخرُ في تفسير الزُّهد في الدُّنيا ، وكلها تَرجِعُ إلى ما تقدَّم ، كقول الحسن : الزاهد الذي إذا رأى أحداً قال : هو أفضل مني ، وهذا يرجع إلى أنَّ الزاهد حقيقةً هو الزَّاهدُ في مدح نفسه وتعظيمها ، ولهذا يقال : الزهد في الرِّياسة أشدُّ منه في الذهب والفضة ، فمن أخرج مِنْ قلبه حبَّ الرياسة في الدُّنيا ، والتَّرفُّع فيها على الناس ، فهو الزاهد حقاً ، وهذا هو الذي يستوي عنده حامدُه وذامُّه في الحقِّ ، وكقول وهيب بن الورد : الزهد في الدُّنيا أنْ لا تأسى على ما فات منها ، ولا تفرح بما آتاك منها ، قال ابن السماك : هذا هو الزاهد المبرز في زهده ...."
جامع العلوم والحكم بشرح خمسين حديثا من جوامع الكلم لابن رجب الحنبلي(31-12)
الأربعاء، 5 فبراير 2014
المسلم ... بين الاتِّباع والابتداع
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد الصادق الأمين، وعلى آله وأصحابه والتابعين.
أما بعد:
قال
الإمام المصلح والداعية الناصح محمد بن صالح العثيمين ــ رحمه الله تعالى
ــ كما في "مجموع الفتاوى والرسائل"(7/228-231 قسم العقيدة، وطبعة: دار
الثريا):
وشهادة أن محمداً رسول الله من أكبر مقتضياتها اتباع الرسول ــ عليه الصلاة والسلام ــ ظاهراً وباطناً.
ومن
لا يتبع الرسول ـــ عليه الصلاة والسلام ـــ ولو أخلص لله فإنه لم يحقق
شهادة أن محمداً رسول الله، لم يحققها، ولا يقبل منه حتى مع الإخلاص، يقول
النبي ـــ عليه الصلاة والسلام ـــ: (( مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ )).
وفي لفظ: (( مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ )).
إذا
كان كذلك فالإخلاص ليس كل شيء، لابد مع الإخلاص أن ينضم إليه المتابعة،
المتابعة للرسول ـــ عليه الصلاة والسلام ـــ بحيث لا يجعل الإنسان أحداً
شريكاً مع الرسول عليه الصلاة والسلام في التشريع للخلق، ولو كان من أكبر
أئمة المسلمين، لو كان أبو بكر وعمر فلا يجوز أن نجعله شريكاً مع الرسول
ـــ عليه الصلاة والسلام ـــ في التشريع، قال ابن عباس ـــ رضي الله عنهما
ــــ: (( يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقولون: قال أبو بكر وعمر )).
وقال الله عز وجل: { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }.
قال الإمام أحمد: " أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك ".
وهو كذلك، لأنه إذا رد بعض قول الرسول ـــ عليه الصلاة والسلام ـــ فلابد أن يكون عن هوى، وإذا كان عن هوى فالهوى شرك: {
أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى
عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ
غِشَاوَةً }.
إذاً
من لم يتبع الرسول ـــ عليه الصلاة والسلام ـــ فإنه لم يحقق شهادة أن
محمداً رسول الله، وعدم اتباع الرسول ـــ عليه الصلاة والسلام ـــ على
نوعين:
أحدهما: أن يقدم قول غيره عليه.
يعلم
هدي الرسول ـــ عليه الصلاة والسلام ـــ، ولكنه يقدم قول غيره عليه، وهذا
يوجد كثيراً في المتعصبين للمذاهب سواء كانت المذاهب مذاهب فقهية علمية أو
مذاهب فكرية اعتقادية، فإن بعض المتعصبين تعرِض عليه هدي الرسول ـــ عليه
الصلاة والسلام ـــ واضحاً وضوح الشمس في رابعة النهار ولكن يقول: قال
فلان كذا، وقال فلان كذا. يقول الإمام أحمد ـــ رحمه الله ـــ مستنكراً: " عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته يذهبون إلى رأي سفيان ".
والله يقول: { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }.
فما بالك بمن يذهبون إلى رأي من دون سفيان، ويدَعون هدي الرسول ـــ عليه الصلاة والسلام ـــ ؟.
إذا قيل لهم هذا هدي الرسولـــ عليه الصلاة والسلام ـــ، قالوا : لكن قال فلان كذا وكذا.
من الذي أرسل إليكم أفلان أم رسول الله محمد؟.
إن
قال: فلان كفر، وأعلن بكفره، وإن قال: محمد، نقول: ما قيمة الرسالة عندك
وأنت تقدم هدي غيره على هديه، إذا كان رسولك محمد صلى الله عليه وسلم
فلتكن متبعاً له متأدباً بين يديه.
أما
النوع الثاني: من المخالفة لهدي الرسول ـــ عليه الصلاة والسلام ـــ فأن
يشرع في دين الله ما ليس فيه، يفعل شيئاً يتقرب به إلى الله، ولكن الرسول
ما شرعه.
فهذا
لم يحقق شهادة أن محمداً رسول الله، لو حقق شهادة أن محمداً رسول الله صلى
الله عليه وسلم ما ذهب يبتدع في دين الله ما ليس منه، لأن ابتداع الإنسان
في دين الله ما ليس منه يتضمن الاستدراك على الله ورسوله، فإن هذا
استدراك على الله متضمن لتكذيب هذه الجملة العظيمة: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا }.
أين
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا الأمر الذي تدين لله به وتتعبد
لله به؟ أين كان؟ أكان جاهلاً به؟ إن قلت: نعم، فقد رميته بالجهل، أكان
مخالفاً له؟ إن قلت: نعم، فقد رميته بالمخالفة، أكان كاتماً له عن أمته؟
إن قلت: نعم، فقد رميته بالكتمان، فإذا كان الأمر كذلك، وكل اللوازم
باطلة، فإنه يلزم من ذلك أن يقول: كل بدعة يتدين بها الإنسان إلى الله من
عقيدة في القلب أو نطق باللسان أو عمل بالأركان فإنها عقيدة باطلة وصدق
الرسول ـــ عليه الصلاة والسلام ـــ: (( كُلّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ )).
وهذه جملة مسورة بكلمة "كل" التي هي أدل ألفاظ العموم على العموم، ليس فيها تخصيص.
والله
لو وقعت هذه في كتاب واحد من الذين يقلدون لكان كل من أخرج بدعة من هذه
الكلية يقال له: أين الدليل؟ ولكن كلام الرسول ـــ عليه الصلاة والسلام ـــ
المحكم البين الواضح يحرف، ويقال: هذا عام يراد به الخاص، نحن نستحسن أن
نعبد الله بهذا لأن قلوبنا ترق عنده، ولأن هذا ينشطنا، ولكن نقول: والله
لو كان خيراً لشرعه الله لعباده، ترقيق القلب لهذه البدعة يوجب أن يقسو عن
السنة، لأن القلب وعاء، إن ملأته بخير امتلأ به، وإن دخل على هذا الخير
شر فلابد أن يضايق الخير فيخرج، لو كان عندك إناء مملوء بماء ثم صببت عليه
ماء آخر هل يجمع الجميع؟ لابد أن يخرج، فإما سنة، وإما بدعة، ولهذا نقول
لكل من في قلبه إخلاص وحب للدين وحب للرسول ـــ عليه الصلاة والسلام ـــ،
نقول له: جزاك الله خيراً على هذه المحبة، وعلى هذا الإخلاص، ولكن من تمام
الإخلاص أن تعتقد بأنه لا خير للإنسان فيما يتعبد به الله إلا ما جاء في
كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فلماذا تطلب الخير في غيرهما؟.
فيما
جاء في كتاب الله، وفيما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من العبادات،
كفاية لصلاح القلوب والأبدان والأفراد والجماعات، ولكن أين القلوب التي
تتلقى هذا؟.
مِن
القلوب ما هو كالزجاجة، أي شيء يرد عليه ينكسر، ومِن القلوب ما هو
كالإسفنجة يقبل، ولكنه صامد لا يتجزأ ولا يتكسر إلا أنه يميز الحق من
الباطل، فنقول لمن ابتدع بدعة في دين الله سواء كانت قولاً باللسان أو
عقيدة بالجنان، أو عملاً بالأركان، نقول: كتاب الله موجود وسنة الرسول ـــ
عليه الصلاة والسلام ـــ موجودة مهذبة قد بين صحيحها من سقيمها، وطريق
السلف الصالح موجود والحمد لله فلماذا نبتدع في عقيدتنا؟ لماذا نبتدع
أذكاراً ما أنزل الله بها من سلطان؟.
و كان كل من راق له شيء أو زُيِّن في قلبه شيء مما يتعبد لله به، تعبد الله به أتكون الأمة واحدة؟ أبداً، تتفرق لكن هناك ميزان: {
لَقَدْ أَرْسَلْنَا. رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ
الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ }.
هناك ميزان: { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ }.
إن اتفقتم على شيء فهو الحق، { وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ }.اه
ـ
الأربعاء، 8 يناير 2014
الاثنين، 6 يناير 2014
تأصيلاتٌ قيِّمة في الردِّ على بدعة الاحتفال بالمولد النَّبويّ الشيخ: محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-
تأصيلاتٌ قيِّمة في الردِّ على بدعة الاحتفال بالمولد النَّبويّ
الشيخ: محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-
الشيخ: محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-
السؤال:
المستمع وصلتنا من م. ع. ص. من جمهورية مصر العربية يقول:
ما حكم الشرع في نظركم في أعياد الميلاد والاحتفال بذكرى المولد للرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنها تنتشر عندنا بكثرة؟ أفيدونا بارك الله فيكم.
الجواب:
نظرنا في هذه المسألة أن نقول:
إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولٌ إلى الخلق أجمعين، وأنَّه يجبُ على جميع الخلق أنْ يؤمنوا به ويتبِّعوه، وأنَّه يجب علينا مع ذلك أن نحبُّه أعظم من محبتنا لأنفسِنا ووالدِينا وأولادِنا؛ لأنَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ونرى أنَّ مِن تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم وعلامة محبَّته أنْ لا نتقدَّم بين يديه بأمرٍ لم يشْرَعه لنا؛ لأنَّ ذلك مِنَ التقدُّمِ عليه، وقد قال الله -تعالى-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ﴾ [الحجرات: 1-2]
وإقامة عيد لميلاد النبي صلى الله عليه وسلم لا تخلو من أحوال ثلاثة:
- إمَّا أنْ يفعلها الإنسان حبًا وتعظيمًا للنبي صلى الله عليه وسلم.
- وإمَّا أنْ يفعلها لَهوًا ولَعِبًا.
- وإمَّا أنْ يفعلها مشابهةً للنَّصارى الذين يحتفلون بميلادِ عيسى بن مريم -عليه الصلاة والسلام-.
فعلى الأول إذا كان يفعلها حُبًا وتعظيمًا للرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإنَّها في هذه الحال تكون دينًا وعبادة؛ لأنَّ محبَّة النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه من الدين؛ قال الله -تعالى-: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً﴾ [الفتح: 7-8]
وإذا كان ذلك من الدِّين؛ فإنَّه لا يمكن لنا ولا يسوغ لنا أنْ نُشرِّع في دين النبي صلى الله عليه وسلم ما ليس منه.
إذ أنَّ ذلك –أي: شرعنا في دين النبي صلى الله عليه وسلم ما ليس منه- يستلزم أحد أمرين باطلين:
فإمَّا أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعلم بأنَّ هذا من شريعته، وحينئذٍ يكون جاهلاً بالشَّرع الذي كُلِّف بتبليغه، ويكون من بعده ممن أقاموا هذه الاحتفالات أعلم بدين الله من رسوله، وهذا أمرٌ لا يمكن أن يتفوَّه به عاقل فضلاً عن مؤمن!
وإمَّا أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد عَلِم، وأنَّ هذا أمرٌ مشروع؛ ولكنَّه كتَم ذلك عن أمتِهِ، وهذا أقبح من الأول! إذا أنَّه يستلزِمُ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قد كتم بعض ما أنزل الله عليه وأخفاه عن الأمة، وهذا من الخيانة العظيمة وحاشا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكتمَ شيئًا مما أنزل الله عليه.
قالت عائشة -رضي الله عنها-: "لو كان النبي صلى الله عليه وسلم كاتمًا شيئًا مما أنزل الله عليه؛ لكتم قول الله تعالى: ﴿وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاه﴾. [الأحزاب: 37].
وبهذا بَطُلَت إقامة الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم من أجل محبته وتعظيمه.
وأمَّا الأمر الثَّاني: وهو أن تكون إقامة هذه الاحتفالات على سبيل اللَّهو واللعب؛ فمن المعلوم أنَّه من أقبح الأشياء أنْ يفعل فعلٌ يَظهر منه إرادة تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم؛ وهو للعب واللهو؛ فإنَّ هذا نوع من السُّخرية والاستهزاء. وإذا كان لهوًا ولَعِبًا فكيف يُتخَذ دينًا يُعظَّم به النبي صلى الله عليه وسلم؟!
وأمَّا الأمر الثالث: وهو أنْ يُتخَذ ذلك مضاهاةً للنَّصارى في احتفالاتهم بميلاد عيسى بن مريم -عليه الصلاة والسلام- فإنْ تشبَّهنا بالنَّصارى في أمر كهذا يكون حرامًا؛ لأنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن تشبَّهَ بِقومٍ فَهوَ مِنهُم)).
ثمَّ نقــولُ:
إنَّ هذا الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعلْهُ الصحابة -رضي الله عنهم-، ولا التَّابعون لهم بإحسان، ولا تابعو التابعين؛ وإنَّما حَدَثَ في القرن الرابع الهجري؛ فأين سلف الأمة عن هذا الأمر الذي يراه فاعلوه من دين الله؟!
هل هم أقل محبة وتعظيمًا لرسول الله؟!
أم هل هم أجهل منَّا بما يجبُ للنَّبي صلى الله عليه وسلم من التعظيم والحقوق؟!
أم ماذا؟!
إنَّ أيَّ إنسانٍ يُقيِمُ هذا الاحتفال يزعم أنَّه مُعظِّم للنبي صلى الله عليه وسلم؛ فقد ادعى لنفسه أنَّه أشد تعظيمًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقوى محبة من الصحابة، والتابعين، وتابعيهم بإحسان!
ولا ريب أنَّ محبَّة النَّبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه؛ إنما يكون بإتباع سنته صلى الله عليه وسلم؛ لأن إتباع سنته أقوى علامة تدل على أنَّ الإنسان يحبُّ النبي صلى الله عليه وسلم ويعظِّمه.
أمَّا التقدُّم بين يديه، وإحداث شيء في دينه لم يَشرعه؛ فإنَّ هذا لا يدلُّ على كمال محبة الرسول صلى الله عليه وسلم وتعظيمه.
قد يقول قائلٌ: نحن لا نقيمه إلا من باب الذكرى فقط.
فنقول: يا سبحان الله! تكون لكم الذكرى في شيء لم يَشرعُهُ النبي عليه الصلاة والسلام، ولم يفعله الصحابة -رضي الله عنهم- مع أنَّ لديكم من الذِّكرى ما هو قائمٌ ثابت بإجماع المسلمين وأعظم من هذا وأدوم.
فكل المسلمين يقولون -في الآذان الصلوات الخمس-: أشهدُ أنْ لاَ إله إلاَّ الله، وأشهدُ أنَّ محمدًا رسول الله.
وكل المسلمين يقولون في صلاتهم: أشهدُ أنْ لاَ إله إلاَّ الله، وأشهدُ أنَّ محمدًا رسول الله.
وكل المسلمين يقولون عند الفراغ من الوضوء: أشهدُ أنْ لاَ إله إلاَّ الله، وأشهدُ أنَّ محمدًا رسول الله.
بل إنَّ ذكرى النبي صلى الله عليه وسلم تكون في كل عبادة يفعلها المرء؛ لأنَّ العبادة من شرطها: الإخلاص، والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
فإذا كان الإنسان مستحضرًا ذلك عند فعل العبادة؛ فلا بد أن يستحضر أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم إمامه في هذا الفعل. وهذا تذكر.
وعلى كلِّ حال فإنَّ فيما شَرَعهُ الله ورسوله من علامات المحبة والتعظيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم كفاية عما أحدثه الناس في دينه مما لم يشْرَعه الله ولا رسوله.
ونسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يوفِّق الجميع لما فيه الخير، على أنَّ هذه الاحتفالات -فيما نسمع- يكون فيها من الغلو والإطراء ما قد يخرج الإنسان من الدِّين، ويكون فيها من الاختلاط بين الرجال والنساء ما تخشى منه الفتنة والفساد. والله المسئول عن يهيئ للأمة الإسلامية من أمرها رشدًا، وأن يوفقها لما فيه صلاح دينها وديناها وعزتها وكرامتها، إنَّه جوادٌ كرِيم.
المستمع وصلتنا من م. ع. ص. من جمهورية مصر العربية يقول:
ما حكم الشرع في نظركم في أعياد الميلاد والاحتفال بذكرى المولد للرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنها تنتشر عندنا بكثرة؟ أفيدونا بارك الله فيكم.
الجواب:
نظرنا في هذه المسألة أن نقول:
إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولٌ إلى الخلق أجمعين، وأنَّه يجبُ على جميع الخلق أنْ يؤمنوا به ويتبِّعوه، وأنَّه يجب علينا مع ذلك أن نحبُّه أعظم من محبتنا لأنفسِنا ووالدِينا وأولادِنا؛ لأنَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ونرى أنَّ مِن تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم وعلامة محبَّته أنْ لا نتقدَّم بين يديه بأمرٍ لم يشْرَعه لنا؛ لأنَّ ذلك مِنَ التقدُّمِ عليه، وقد قال الله -تعالى-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ﴾ [الحجرات: 1-2]
وإقامة عيد لميلاد النبي صلى الله عليه وسلم لا تخلو من أحوال ثلاثة:
- إمَّا أنْ يفعلها الإنسان حبًا وتعظيمًا للنبي صلى الله عليه وسلم.
- وإمَّا أنْ يفعلها لَهوًا ولَعِبًا.
- وإمَّا أنْ يفعلها مشابهةً للنَّصارى الذين يحتفلون بميلادِ عيسى بن مريم -عليه الصلاة والسلام-.
فعلى الأول إذا كان يفعلها حُبًا وتعظيمًا للرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإنَّها في هذه الحال تكون دينًا وعبادة؛ لأنَّ محبَّة النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه من الدين؛ قال الله -تعالى-: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً﴾ [الفتح: 7-8]
وإذا كان ذلك من الدِّين؛ فإنَّه لا يمكن لنا ولا يسوغ لنا أنْ نُشرِّع في دين النبي صلى الله عليه وسلم ما ليس منه.
إذ أنَّ ذلك –أي: شرعنا في دين النبي صلى الله عليه وسلم ما ليس منه- يستلزم أحد أمرين باطلين:
فإمَّا أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعلم بأنَّ هذا من شريعته، وحينئذٍ يكون جاهلاً بالشَّرع الذي كُلِّف بتبليغه، ويكون من بعده ممن أقاموا هذه الاحتفالات أعلم بدين الله من رسوله، وهذا أمرٌ لا يمكن أن يتفوَّه به عاقل فضلاً عن مؤمن!
وإمَّا أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد عَلِم، وأنَّ هذا أمرٌ مشروع؛ ولكنَّه كتَم ذلك عن أمتِهِ، وهذا أقبح من الأول! إذا أنَّه يستلزِمُ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قد كتم بعض ما أنزل الله عليه وأخفاه عن الأمة، وهذا من الخيانة العظيمة وحاشا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكتمَ شيئًا مما أنزل الله عليه.
قالت عائشة -رضي الله عنها-: "لو كان النبي صلى الله عليه وسلم كاتمًا شيئًا مما أنزل الله عليه؛ لكتم قول الله تعالى: ﴿وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاه﴾. [الأحزاب: 37].
وبهذا بَطُلَت إقامة الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم من أجل محبته وتعظيمه.
وأمَّا الأمر الثَّاني: وهو أن تكون إقامة هذه الاحتفالات على سبيل اللَّهو واللعب؛ فمن المعلوم أنَّه من أقبح الأشياء أنْ يفعل فعلٌ يَظهر منه إرادة تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم؛ وهو للعب واللهو؛ فإنَّ هذا نوع من السُّخرية والاستهزاء. وإذا كان لهوًا ولَعِبًا فكيف يُتخَذ دينًا يُعظَّم به النبي صلى الله عليه وسلم؟!
وأمَّا الأمر الثالث: وهو أنْ يُتخَذ ذلك مضاهاةً للنَّصارى في احتفالاتهم بميلاد عيسى بن مريم -عليه الصلاة والسلام- فإنْ تشبَّهنا بالنَّصارى في أمر كهذا يكون حرامًا؛ لأنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن تشبَّهَ بِقومٍ فَهوَ مِنهُم)).
ثمَّ نقــولُ:
إنَّ هذا الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعلْهُ الصحابة -رضي الله عنهم-، ولا التَّابعون لهم بإحسان، ولا تابعو التابعين؛ وإنَّما حَدَثَ في القرن الرابع الهجري؛ فأين سلف الأمة عن هذا الأمر الذي يراه فاعلوه من دين الله؟!
هل هم أقل محبة وتعظيمًا لرسول الله؟!
أم هل هم أجهل منَّا بما يجبُ للنَّبي صلى الله عليه وسلم من التعظيم والحقوق؟!
أم ماذا؟!
إنَّ أيَّ إنسانٍ يُقيِمُ هذا الاحتفال يزعم أنَّه مُعظِّم للنبي صلى الله عليه وسلم؛ فقد ادعى لنفسه أنَّه أشد تعظيمًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقوى محبة من الصحابة، والتابعين، وتابعيهم بإحسان!
ولا ريب أنَّ محبَّة النَّبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه؛ إنما يكون بإتباع سنته صلى الله عليه وسلم؛ لأن إتباع سنته أقوى علامة تدل على أنَّ الإنسان يحبُّ النبي صلى الله عليه وسلم ويعظِّمه.
أمَّا التقدُّم بين يديه، وإحداث شيء في دينه لم يَشرعه؛ فإنَّ هذا لا يدلُّ على كمال محبة الرسول صلى الله عليه وسلم وتعظيمه.
قد يقول قائلٌ: نحن لا نقيمه إلا من باب الذكرى فقط.
فنقول: يا سبحان الله! تكون لكم الذكرى في شيء لم يَشرعُهُ النبي عليه الصلاة والسلام، ولم يفعله الصحابة -رضي الله عنهم- مع أنَّ لديكم من الذِّكرى ما هو قائمٌ ثابت بإجماع المسلمين وأعظم من هذا وأدوم.
فكل المسلمين يقولون -في الآذان الصلوات الخمس-: أشهدُ أنْ لاَ إله إلاَّ الله، وأشهدُ أنَّ محمدًا رسول الله.
وكل المسلمين يقولون في صلاتهم: أشهدُ أنْ لاَ إله إلاَّ الله، وأشهدُ أنَّ محمدًا رسول الله.
وكل المسلمين يقولون عند الفراغ من الوضوء: أشهدُ أنْ لاَ إله إلاَّ الله، وأشهدُ أنَّ محمدًا رسول الله.
بل إنَّ ذكرى النبي صلى الله عليه وسلم تكون في كل عبادة يفعلها المرء؛ لأنَّ العبادة من شرطها: الإخلاص، والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
فإذا كان الإنسان مستحضرًا ذلك عند فعل العبادة؛ فلا بد أن يستحضر أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم إمامه في هذا الفعل. وهذا تذكر.
وعلى كلِّ حال فإنَّ فيما شَرَعهُ الله ورسوله من علامات المحبة والتعظيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم كفاية عما أحدثه الناس في دينه مما لم يشْرَعه الله ولا رسوله.
ونسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يوفِّق الجميع لما فيه الخير، على أنَّ هذه الاحتفالات -فيما نسمع- يكون فيها من الغلو والإطراء ما قد يخرج الإنسان من الدِّين، ويكون فيها من الاختلاط بين الرجال والنساء ما تخشى منه الفتنة والفساد. والله المسئول عن يهيئ للأمة الإسلامية من أمرها رشدًا، وأن يوفقها لما فيه صلاح دينها وديناها وعزتها وكرامتها، إنَّه جوادٌ كرِيم.
فتاوى: (نورٌ على الدَّربِ)
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)