بسم الله الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على ءاله و صحبه و من تبع هداه و بعد:
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في شرح العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحم الله الجميع:
هَلْ
يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ
وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ﴿البقرة: ٢١٠﴾.
قوله هَلْ يَنْظُرُونَ:
هل: استفهام بمعنى النفي؛
يعني: ما ينظرون، و كلما وجدت (إلا) بعد الإستفهام؛ فالإستفهام يكون للنفي هذه قاعدة؛ قال النبي عليه الصلاة و السلام: أن أنت إلا أصبع دميت. رواه البخاري و مسلم عن جندب بن سفيان البجلي؛ أي ما أنت.
و
معنى يَنْظُرُونَ هنا: ينتظرون؛ لأنها لم تتعد بـ(إلى)؛ فلو تعدت بـ(إلى)
لكان معناها النظر بالعين غالباً، أما إذا تعدت بنفسها؛ فهي بمعنى:
ينتظرون. أي ما ينتظر هؤلاء المكذبون ألا أن يأتيهم الله في ظلل من الغام، و
ذلك في يوم القيامة.
أقول:
و الآن أنقل لكم الفائدة النادرة التي قد تخفى حتى على بعض طلبة العلم فقال رحمه الله:
(يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ)؛
و (في) هنا بمعنى (مع)؛ فهي للمصاحبة، و ليست للظرفية قطعاً؛ لأنها لو
كانت للظرفية؛ لكانت الظلل محيطة بالله، و معلوم أن الله تعالى واسع عليم، و
لا يحيط به شيء من مخلوقاته.
فـ(فِي
ظُلَلٍ)؛ أي: مع ظلل؛ فإن الله عند نزوله جل و علا للفصل بين عباده
(تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ): غمام أبيض؛ ظلل عظيمة؛ لمجيء الله
تبارك و تعالى.
و
قوله: (فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ): الغمام قال العلماء: إنه السحاب
الأبيض؛ كما قال الله تعالى ممتناً على بني إسرائيل: (وَظَلَّلْنَا
عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ)؛ و السحاب الأبيض يُبقي الجو مستنيرا؛ بخلاف الأسود
و الأحمر؛ فإنه تحصل به الظلمة، و هو أجمل منظراً اهـ.
رَحِم
الله الشيخ محمد بن صالح العثيمين الذي فُتح له باب الفقه فكأن الكتب كلها
أمامه يختار منها ما يشاء عندما يريد الكلام و البيان.
و صلى الله على محمد و على ءاله و صحبه و سلم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق