ﺍﺗﺒﺎﻉ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻣﻦ ﺫﺭﻳﺘﻬﻢ
يقول ابن القيم رحمه الله في التبوكية ٦٦-٦٧
ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺈﺗﺒﺎﻉ: ﻓﻬﻢ ﺍﺗﺒﺎﻉ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻣﻦ ﺫﺭﻳﺘﻬﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﺜﺒﺖ ﻟﻬﻢ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ﻓﻲ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ, ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﻢ ﻣﻊ ﺁﺑﺎﺋﻬﻢ ﺗﺒﻊ ﻟﻬﻢ, ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻴﻬﻢ: {ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮﺍ ﻭﺍﺗﺒﻌﺘﻬﻢ ﺫﺭﻳﺘﻬﻢ ﺑﺈﻳﻤﺎﻥ ﺃﻟﺤﻘﻨﺎ ﺑﻬﻢ ﺫﺭﻳﺘﻬﻢ ﻭﻣﺎ ﺃﻟﺘﻨﺎﻫﻢ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻬﻢ ﻣﻦ ﺷﻲﺀ} .
ﺃﺧﺒﺮ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺍﻧﻪ ﺍﻟﺤﻖ ﺍﻟﺬﺭﻳﺔ ﺑﺂﺑﺎﺋﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻛﻤﺎ ﺍﺗﺒﻌﻬﻢ ﺇﻳﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺈﻳﻤﺎﻥ, ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺬﺭﻳﺔ ﻟﺎ ﻋﻤﻞ ﻟﻬﻢ ﻳﺴﺘﺤﻘﻮﻥ ﺑﻪ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺪﺭﺟﺎﺕ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﻭﻣﺎ ﺃﻟﺘﻨﺎﻫﻢ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻬﻢ ﻣﻦ ﺷﻲﺀ} ﻭﺍﻟﻀﻤﻴﺮ ﻋﺎﺋﺪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮﺍ, ﺃﻱ ﻭﻣﺎ ﻧﻘﺼﻨﺎﻫﻢ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻬﻢ ﺑﻞ ﺭﻓﻌﻨﺎ ﺫﺭﻳﺘﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺩﺭﺟﺘﻬﻢ ﻣﻊ ﺗﻮﻓﻴﺘﻬﻢ ﺃﺟﻮﺭ ﺃﻋﻤﺎﻟﻬﻢ ﻓﻠﻴﺴﺖ ﻣﻨﺰﻟﺘﻬﻢ ﻣﻨﺰﻟﺔ ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻪ ﻋﻤﻞ ﺑﻞ ﻭﻓﻴﻨﺎﻫﻢ ﺃﺟﻮﺭﻫﻢ ﻓﺄﻟﺤﻘﻨﺎ ﺑﻬﻢ ﺫﺭﻳﺘﻬﻢ ﻓﻮﻕ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺤﻘﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﻋﻤﺎﻟﻬﻢ.
ﺛﻢ ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺈﻟﺤﺎﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﻭﺍﻟﺪﺭﺟﺎﺕ ﻓﻀﻠﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﺮﺑﻤﺎ ﻭﻗﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻫﻢ ﺃﻥ ﺇﻟﺤﺎﻕ ﺍﻟﺬﺭﻳﺔ ﺃﻳﻀﺎ ﺣﺎﺻﻞ ﻟﻬﻢ ﻓﻲ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﻌﺪﻝ, ﻓﻠﻤﺎ ﺍﻛﺘﺴﺒﻮﺍ ﺳﻴﺌﺎﺕ ﺃﻭﺟﺒﺖ ﻋﻘﻮﺑﺔ, ﻛﺎﻥ ﻛﻞ ﻋﺎﻣﻞ ﺭﻫﻴﻨﺎ ﺑﻜﺴﺒﻪ ﻟﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻐﻴﺮﻩ ﺷﻲﺀ ﻓﺎﻟﺈﻟﺤﺎﻕ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﻭﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﻟﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻭﻫﺬﺍ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﻛﻨﻮﺯﻩ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺨﺘﺺ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻔﻬﻤﻬﺎ ﻣﻦ ﺷﺎﺀ.
ﻓﻘﺪ ﺗﻀﻤﻨﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺂﻳﺔ ﺃﻗﺴﺎﻡ ﺍﻟﺨﻠﺎﺋﻖ ﻛﻠﻬﻢ: ﺃﺷﻘﻴﺎﺋﻬﻢ ﻭﺳﻌﺪﺍﺋﻬﻢ, ﺍﻟﺴﻌﺪﺍﺀ ﺍﻟﻤﺘﺒﻮﻋﻴﻦ ﻭﺍﻟﺄﺗﺒﺎﻉ, ﻭﺍﻟﺄﺷﻘﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺘﺒﻮﻋﻴﻦ ﻭﺍﻟﺈﺗﺒﺎﻉ. ﻓﻌﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻗﻞ ﺍﻟﻨﺎﺻﺢ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺃﻥ ﻳﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺃﻱ ﺍﻟﺄﻗﺴﺎﻡ ﻫﻮ, ﻭﻟﺎ ﻳﻐﺘﺮ ﺑﺎﻟﻌﺎﺩﺓ ﻭﻳﺨﻠﺪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻗﺴﻢ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻧﺘﻘﻞ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻓﻮﻗﻪ ﻭﺑﺬﻝ ﺟﻬﺪﻩ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻭﻟﻲ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﻭﺍﻟﻨﺠﺎﺡ. ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻗﺴﻢ ﺷﻘﻲ ﺍﻧﺘﻘﻞ ﻣﻨﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﺴﻌﻴﺪ ﻓﻲ ﺯﻣﻦ ﺍﻟﺈﻣﻜﺎﻥ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﻳﺎ ﻟﻴﺘﻨﻲ ﺍﺗﺨﺪﺕ ﻣﻊ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺳﺒﻴﻠﺎ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق