الخميس، 31 أكتوبر 2013
الاثنين، 28 أكتوبر 2013
فالله الله أيها المسلمون تحفظوا بدينكم - بن حزم الأندلسي
قال العلامة علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي
"واعلموا رحمكم الله أن جميع فرق الضلالة لم يجر الله على أيديهم خيرا ولا فتح بهم من بلاد الكفر قرية ولا رفع للإسلام راية وما زالوا يسعون في قلب نظام المسلمين
ويفرقون كلمة المؤمنين
ويسلون السيف
على أهل الدين ويسعون في الأرض مفسدين
أما الخوارج والشيعة فأمرهم في هذا أشهر من أن يتكلف ذكره
فالله الله أيها المسلمون تحفظوا بدينكم ونحن نجمع لكم بعون الله تعالى الكلام في ذلك الزموا القرآن وسنن رسول الله صلى الله عليه و سلم وما مضى عليه الصحابة رضي الله عنهم والتابعون وأصحاب الحديث عصرا عصرا الذين طلبوا الأثر فلزموا الأثر ودعوا كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار".
الفصل في الملل والأهواء والنحل
(4/170)
الجمعة، 25 أكتوبر 2013
~ ولا نصف كلمة ~ فضيلة الشيخ العلامة ربيع بن هادي عمير المدخلي
~ ولا نصف كلمة ~
قال رجل من أهل البدع لأيوب السختياني رحمه الله: يا أبا بكر! أسألك عن كلمة؟ فولى وهو يقول: (ولا نصف كلمة)[1].
فقال فضيلة الشيخ العلامة ربيع بن هادي عمير المدخلي حفظه الله، معلقا: (هذا والله هو الولاء الصادق لله وللإسلام. ولو عامل علماء السنة في هذا الزمن أهل البدع هذه المعاملة الحازمة لماتت البدع في جحورها، ولما استطاعت المطابع أن تطبع كتبهم، لأنها لا يجود لها زبائن، ولا سمعت صوتا يجهر بالدفاع عن أهل البدع، فضلا أن تؤلف الكتب للدفاع عنهم فيتهافت الشباب السلفي عليها تهافت الفراش على النار !! فإنا لله وإنا إليه راجعون)[2].
وقال أيضا حفظه الله: (يا إخوتاه! إن كنتم حقا تحترمون المنهج السلفي وأهله، فانشروا كتبهم، ودرسوها، واشحنوا كتاباتكم ومحاضراتكم ومقالاتكم بأقوالهم في أهل البدع وتحذيرهم منهم، ودرسوا الشباب على دراستها والاحتفاء بها والاعتزاز بها، فبهذه الأساليب تحيا عقيدة ومنهج السلف، وتتألق في نفوسهم، وترتفع بها رؤوسهم تباهيا واعتزازا)[3].
~~~~~~~~~~~
[1]- شرح السنة للإمام البغوي رحمه الله(277/1).
[2]- صفحة(34).
[3]- صفحة(105).
----------------------------
كتاب: منهج أهل السنة والجماعة في نقد الرجال والكتب والطوائف.
الخميس، 24 أكتوبر 2013
العلم: فضله وشرفُ أهله - الشيخ عبد الله بن عبد الرحيم البخاري
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمد لله ربِّ العالمين والصَّلاة والسَّلام على نبيِّنا محمَّدٍ و آله وصحبه وسلَّم، أمَّا بعد:
فإنَّ الله عزَّ في علاه قد بيَّن لنا في كتابهِ فضل (العلم) وشرف أهله، وجاءت النُّصوص النَّبوية على صاحبها أفضل صلاة وأزكى سلام تؤكِّدُ ذلك وترغب فيه؛ فانطلاقاً من الرغبة في المشاركة في نشر الخير و الدَّلالة عليه، حرصت على تذكير الإخوة بهذا الأمر المهم و شَحْذ هِمَمِهم؛ فيشمِّروا عن ساعد الجدِّ؛ لِيَنْتَفِعُوا و يَنْفَعُوا وَ يَرْتَفِعُوا بحول الله وتوفيقه.
ثم إِنَّنِي سَأُثَنِّي- بمشيئة الله تعالى- في كتابة أُخْرَىَ بِأَمْرٍ ثَانٍ لَهُ صِلة لا تَنْفكُ أبداً عن العِلْمِ! ألا وَهُو: العَمَلُ بِالعِلْمِ!؛ لِيَكْتَمِلَ نَظْمُ الْمَقْصُودِ وَ يَحْصل الْمُراد بحولِ الله وقُوَّتهِ.
فَأبدأُ فيما قَصَدُّته و من الله العون والتَّوفيق؛ فأقول:
قد وردت نصوص كثيرة في كتاب الله عزَّ وجلَّ تدلُّ على فضل العلم و شرف أهله؛ فَمن تلك النصوص:
1 / قوله تعالى {وأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الكِتَابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ عَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيْمَاً} (النساء: 113).
قال شيخ الإسلام ابن القيم رحمه الله في (مفتاح دار السعادة) (1 / 52):" عدَّد سُبحانه نعمهُ وفضْلهُ على رسوله صلى الله عليه وسلم، وجعلَ مِنْ أجلِّها: أنْ آتاهُ الكتاب و الحكمةَ وعلَّمه ما لم يكنْ يعلم".
2 / قوله تعالى {إنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادهِ العُلَماءُ} (فاطر: 28).
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في (تفسيره) (3 / 561): "أي إنَّما يخشاه حقَّ خشيتهِ العلماء العارفونَ به؛ لأنَّه كُلَّما كانت المعرفة للعظيم القديرِ العليم الموصوف بصفات الكمال المنعوت بالأسماء الحسنى: كُلَّما كانت المعرفة به أتمّ، والعلم به أكمل كانت الخشيةُ له أعظم و أكثر".
وقال العَلاَّمَةُ عَبْدالرَّحمن السعدي في (تيسر الكريم الرحمن) (ص751 - ط دار ابن حزم) عند تفسير هذه الآية: "فكلُّ مَن كان بالله أعلم، كان أكثر له خشية. وأوجبت له خشية الله الانكفاف عن المعاصي، و الاستعداد للقاء مَنْ يخشاهُ. وهذا دليلٌ على فضيلة العلم، فإنَّه داعٍ إلى خشية الله. وَ أَهْلُ خَشْيَتِهِ هم: أهل كرامتهِ كما قال تعالى{رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَ رَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ}".
3 / قوله تعالى {شَهِدَ اللهُ أنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُو وَ الْمَلائِكَةُ وَ أُوْلُوا العِلْمِ قَائِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُو العَزِيْزُ الْحَكِيْمُ} (آل عمران: 18).
قال العلاَّمة القرطبي رحمه الله في (الجامع لأحكام القرآن) (4 / 41) عند هذه الآية: "هذه الآيةُ دليلٌ على فضلِ العلم وشَرَفِ العلماء؛ فإنَّه لو كان أحدٌ أشرف من العلماء لقرنهم اللهُ باسمهِ و اسمِ الملائكة كما قرنَ العلماء".
4 / قوله تعالى {وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ} (العَنكبوت:43).
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في (تفسيره) (3 / 424): "أيْ ما يفْهَمها و يتدبرها إلاَّ الرَّاسخونَ في العلمِ المتضلِّعون منه، -ثم ذكر أن ابن أبي حاتم ساق بسنده- عن عمرو بن مرَّة قال: ما مررتُ بآيةٍ من كتاب الله لا أعرفها إلاَّ أحزنني؛ لأنَّني سمعت الله تعالى يقول {وتلك الأمثال نضربها للناس و ما يعقلها إلا العالمون}".
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في (مفتاح دار السعادة) (1 / 51): "أخبر سبحانه عن أمثاله التي يضربها لعباده، يدلهم على صحَّة ما أخبرَ به: أنَّ أهل العلم هم المنتفعونَ بها المختصُّون بعلمها، فقال تعالى {وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعلقها إلا العالمون} وفي القرآن بضعة و أربعون مثلاً، وكان بعض السَّلف إذا مرَّ بِمَثَلٍ لا يفهمه يبكي ويقول: لست من العالمين".
5 / قوله تعالى {يَسْئَلُونَكَ مَاذَآ أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ اْلطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِيْنَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَ اذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَرِيْعُ الْحِسَابِ} (المائدة: 4).
قال الإمام ابن القيم في (مفتاح دار السعادة) (1 / 55): "إنَّ الله سبحانه جعل صيد الكلب الجاهل ميتة يحرمُ أكلُها! وأباحَ صيد الكلب المعَلَّم، وهذا مِنْ شَرَف العلم أنَّه لا يباحُ إلا صيد الكب العالم، وأمَّا الكلب الجاهل فلا يحلُّ أكل صيده؛ فدلَّ على شرف العلم وفضله، و لولا مزية العلم والتعليم وشرفه كان صيد الكلب المعلَّم والجاهل سواء".
والنصوص مِنْ آي الذكر الحكيم كثيرة كما تقدَّم، فأكتفي بما تقدَّم ذكره آنفاً.
وأمَّا النُّصوص النَّبوية عنه صلى الله عليه وسلم، فهي كثيرة أيضاً فأكتفي بذكر بعضها، وهي تدل على غيرها أيضاً؛ فمن تلك النصوص:
1 / ما أخرجه الشيخان في (صحيحيهما) عن معاوية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ يُردِ الله به خيراً يُفقِّه في الدِّين، وإنّما أَنَا قَاسمٌ واللهُ يُعْطِي، ولَن تَزال هَذهِ الأُمَّة قَائمة عَلى أمر الله لا يَضرُّهم مَنْ خَالفهم حتَّى يَأْتي أَمْرُ الله).
قال الإمام ابن القيم في (مفتاح دار السعادة) (1 / 60): "هذا يدل على أن مَن لم يفقه في دينه لم يرد به خيراً كما أنَّ من أراد به خيراً فقهه في دينه، ومَن فقه في دينه فقد أراد به خيراً؛ إذا أُريد بالفقه العلم المستلزم للعمل، وأمَّا إن أُريد به مجرد العلم فلا يدل على أنَّ من فقه في الدين فقد أُريد به خيراً؛ فإن الفقه حينئذٍ يكون شرطاً لإرادة الخير، وعلى الأول يكون موجباً، والله أعلم".
وقال الحافظ النووي رحمه الله في (شرح مسلم) (7 / 128): "فيه فضيلة العلم والتفقه في الدين والحثِّ عليه وسببهُ أنَّه قائد إلى تقوى الله تعالى".
2 / و أخرج الشيخان أيضاً عن سهل بن سعد رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي رضي الله عنه: (لأنْ يهديَ الله بكَ رجلاً واحداً خيرٌ لك من حُمر النَّعَم).
قال الإمام ابن القيم رحمه الله في (مفتاح دار السعادة) (1 / 62): "هذا يدلُّ على فضل العلم والتعليم، وشرف منزلة أهله، بحيث إذا اهتدى رجلٌ واحدٌ بالعالم كان ذلك خيراً له من حمر النعم؛ وهي خيارها و أشرفها عند أهلها، فما الظَّنُّ بمن يهتدي به كل يومٍ طوائف من الناس".
3 / ما أخرجه البخاري في (صحيحه) عن ابن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (بينا أنا نائمٌ أُوتيتُ بقدح لبنٍ فشربتُ حتى إني لأرى الري يخرجُ في أظفاري، ثم أَعطيتُ فضلي عمر بن الخطاب. قالوا: فما أولتهَ يا رسول الله؟ قال: العلم).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في (فتح الباري) (1 / 217): "قال ابن المنير: وجه الفضيلة للعلم في الحديث مِنْ جهةِ أنَّه عبَّرَ عن العلم بأنَّه فضلة النبي صلى الله عليه وسلم ونصيبٌ مما آتاهُ الله، وناهيكَ بذلكَ".
وقال أيضاً في (7 / 56): "ووجه التعبير بذلك من جهةِ اشتراك اللبن و العلم في كثرة النَّفعِ، وكونهما سبباً للصلاحِ؛ فاللبنُ للغذاء البدني والعلم للغذاء المعنوي".
4 / ما أخرجه مسلم في (صحيحه) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا ماتَ ابنُ آدمٍ انقطع عمله إلاَّ مِنْ ثلاثٍ: صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ يُنتفعُ به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له).
5 / ما خرَّجه ابن ماجه في (سننه) وصحَّحه المنذري في (الترغيب والترهيب) وكذا الألباني في (صحيح الترغيب) (1 / 143 / رقم79) عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خير ما يُخلِّفُ الرجل مِنْ بعده ثلاثٌ: ولدٌ صالحٌ يدعو لَه، وصدقةٌ تجري يبلغهُ أجرها، وعلمٌ يُعملُ به من بعده).
قال الحافظ النووي رحمه الله في (شرح مسلم) (11 / 85): "قال العلماء: معنى الحديث: أنَّ عمل الميت ينقطع بموته، وينقطع تجدُّد الثواب له إلا في هذه الأشياء الثلاثة؛ لكونه كان سببها، فإن الولد من كسبهِ، وكذلك العلم الذي خلفه من تعليم أو تصنيفٍ، وكذلك الصدقة الجارية وهي الوقف. وفيه فضيلة الزواج لرجاء ولدٍ صالحٍ، وفيه دليل لصحة أصل التوقيف، وعظيم ثوابهِ. وبيان فضيلة العلم والحث على الاستكثار منه، والترغيب في توريثه بالتعليم والتصنيف والإيضاح، وأنَّه ينبغي أن يختارَ من العلومِ الأنفع فالأنفع، وفيه أنَّ الدعاء يصل ثوابهُ إلى الميت، وكذلك الصَّدقة وهما مجمعٌ عليهما".
ومما أُثر عن السَّلف رضي الله عنهم:
1 / ما ذكره النووي في (المجموع) (1 / 41) عن علي رضي الله عنه أنَّه قال: "كفى بالعلم شرفاً أن يدَّعيه مَنْ لا يُحسنهُ، ويفرح به إذا نسبَ إليه، وكفى بالجهلِ ذمَّاً أنْ يتبرأَ منهُ مَنْ هوَ فيه".
2 / وقال البُخاري في (صحيحه) (كتاب الفرائض / باب تعليم الفرائض) (12 / باب رقم 2 / 4-فتح) قال عقبة بن عامر رضي الله عنه: (تعلموا قبل الظَّانين). قال البخاري شارحاً قول عقبة: "يعني الذين يتكلمون بالظّنِّ"، قال النووي شارحاً قول البخاري: "معناه: تعلموا العلمَ مِنْ أهله المحقِّقين الورعينَ قبلَ ذهابهم ومجيء قومٍ يتكلمون في العلمِ بمثل نفوسهم و ظنونهم التي ليس لها مستندٌ شرعيٌّ" (المجموع) (1 / 42).
وذكر الحافظ ابن حجر عدَّة وجوه في معنى أثر عقبة رضي الله عنه، ومنها: "وقيل: مراده قبل اندراس العلم و حدوث مَنْ يتكلَّم بمقتضى ظنِّه غير مستندٍ إلى علمٍ".
3 / قال سهل بن عبدالله التستري رحمه الله: "ما أحدثَ أحدٌ في العلم شيئاً إلاَّ سئل عنه يوم القيامة؛ فإنْ وافقَ السُّنَّة سَلِمَ و إلا فهو العطب" (جامع بيان العلم) (2 / 1085).
4 / قال صالح بن مهران الشيباني رحمه الله: "كلُّ صاحب صناعةٍ لا يقدرُ أنْ يعملَ في صناعتهِ إلاَّ بآلةٍ، و آلةُ الإسلام: العلم" (طبقات المحدثين بأصبهان) (2 / 216).
5 / قال الشعبي رحمه الله: "لا تقومُ السَّاعةُ حتى يصير العلمُ جهلاً، والجهلُ علماً" أخرجه ابن أبي شيبة في (المصنف) (15 / 176).
6 / جاء في ترجمة أحمد بن علي بن مسلم الأبَّار الحافظ الفقيه (ت290هـ) من (سير أعلام النبلاء) (13 / 444): "قال جعفر الخُلدي: كان الأبَّارُ من أزهد الناس، استأذنَ أُّمَّهُ في الرِّحلة إلى قتيبة، فلم تأذن له، ثم ماتت، فخرجَ إلى خرسان ثم وصل إلى بلخ وقد مات قُتَيبةُ، فكانوا يُعزُّونهُ على هذا. فقال: هذا ثمرةُ العلم، إنِّي اخترتُ رضىَ الوالدة"!! وينظر (تذكره الحفاظ) للذهبي (2 / 639).
7 / أخرج ابن أبي شيبة في (المصنف) (14 / 55) وأبو نعيم في (حلية الأولياء) (5 / 12) بإسنادٍ صحيح عن أبي مسلم الخولاني رحمه الله قال: "العلماء ثلاثة: رجلٌ عاش بعلمه وعاش به الناسُ معه، ورجلٌ عاشَ بعلمه ولم يعش به أحدٌ غيره، ورجلٌ عاش الناس بعلمه وأهلك نفسه".
و مراده رحمه الله بهذا، أنَّ الأول عَلِمَ فعَملَ وعلَّمَ، وأمَّا الثاني فعلمَ وعملَ ولم يُعلِّم، وأمَّا الثالثُ فعلمَ وعلَّمَ ولم يعملْ! نسأل الله الثبات والعافية.
فتأمل أخي: هذه النصوص و الآثار بتمعنٍ ودقَّةٍ! واستعن بالله وأخلص في تحصيل العلم، وخذه عن أهله، وإيَّاك أنْ تحدثَ في العلم شيئاً خلاف السنَّة، فما أكثر مَنْ تكلَّم في العلم وهو مخالفٌ للسُّنَّةِ!! فاحذر أنْ تكون كذلك، فقد نصحتكَ،والله الموعد.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وآله وصحبه وسلَّم.
فلولا التصانيف المتقدمة فيه لما عرف هذا العلم اليوم بالكلية - ابن رجب
قال ابن رجب في شرح علل الترمذي ص 40/41:
واما الابواب المعللة فلا نعلم احدا سبق الترمذي اليها وزاد ايضا ذكر كلام الفقهاء وهذا كان قد سبق اليه مالك في الموطا وسفيان في الجامع وكان احمد يكره ذلك وينكره رضي الله عنه حتى انه امر بتجريد احاديث الموطا واثاره عما فيه من الراي الذي يذكره مالك من عنده وكره احمد ايضا ان يكتب مع الحديث كلام يفسره ويشرحه وكان ينكر على من صنف في الفقه كابي عبيد وابي ثور وغيرهما ورخص في غريب الحديث الذي صنفه ابو عبيد اولا ثم لما بسطه ابو عبيد وطوله كرهه احمد وقال هو يشغل عما هو اهم منه
ولكن عند بعد العهد بكلام السلف وطول المدة وانتشار كلام المتاخرين في معاني الحديث والفقه انتشارا كثيرا بما يخالف كلام السلف الاول فتعين ضبط كلام السلف من الائمة وجمعه وكتابته والرجوع اليه ليتميز بذلك ماهو ماثور عنهم مما احدث بعدهم بما هو مخالف لهم
وكان ابن مهدي يندم على ان لايكون كتب عقب كل حديث من حديثه تفسيره وكذا الكلام في العلل والتواريخ قد دونه ائمة الحفاظ وقد هجر في هذا الزمان ودرس حفظه وفهمه فلولا التصانيف المتقدمة فيه لما عرف هذا العلم اليوم بالكلية ففي التصنيف فيه ونقل كلام الائمة المتقدمين مصلحة عظيمة جدا وقد كان السلف الصالح مع سعة حفظهم وكثرة الحفظ في زمانهم يامرون بالكتابة للحفظ فكيف بزماننا هذا الذي هجرت فيه علوم سلف الامة وائمتها ولم يبق منها الا ماكان مدونا في الكتب
لتشاغل اهل الزمان بمدارسة الاراء المتاخرة وحفظها
الاثنين، 21 أكتوبر 2013
السلفية بإختصار - الشيخ محمد فركوس
العالم الفاضل الشيخ أبو عبد المعز , محمد بن علي فركوس:
فالسلفية منهجٌ ذو طابعٍ شموليٍّ له خاصِّيَّةُ التوسُّط والاعتدال بين المناهج الأخرى،
واجتنابِ الجدل المذموم في الدين،
ونبذ الجمود الفكريِّ والتعصُّب المذهبيِّ،
يحارب البدعَ ويحذِّر منها،
يقوم عمله الدعويُّ على التركيز على إخلاص العبادة لله تعالى
ومتابعة النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم
والتحذير من الشرك وأسبابه ووسائله المؤدِّية إليه،
تجتمع كلمة السلفيِّين وتتوحَّد صفوفهم تحت راية التوحيد، إذ لا وحدة إلاَّ بالتوحيد ولا اجتماع إلاَّ بالاتِّباع،
وعلى ضوئهما يفهمون الواقعَ ويهتمُّون بقضايا الأمَّة المصيرية،
وعقيدتُهم جازمةٌ بأنَّ مصيرهم المستقبليَّ على الله تعالى،
وقد تكفَّل به تعالى إذا ما حقَّقوا تغييرَ ما بأنفُسهم على وَفْق الشرع،
وحسْبُهم قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ [الرعد: ١١]،
وقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ [محمَّد: ٧]،
ملتزمين هذا المنهجَ الربَّانيَّ في الدعوة إلى الله تعالى بالتخلية والتحلية والتطهير والإصلاح
كتاب شرف الإنتساب إلى مذهب السلف ص 33
الجهاد السني والجهاد البدعي - شيخ الإسلام ابن تيمية
قال ـ شيخ الإسلام ابن تيمية في الرد على الأخنائي
والكتاب والسنة مملوءان بالأمر بالجهاد وذكر فضله، لكن يجب أن يُعرف الجهاد الشرعي الذي أمر الله به ورسوله من الجهاد البدعي: جهاد أهل الضلال الذين يجاهدون في طاعة الشيطان وهم يظنون أنهم يجاهدون في طاعة الرحمن، كحال أهل البدع والأهواء، الخوارج ونحوهم الذين يجاهدون أهل الإسلام وفيمن هو أولى بالله ورسوله منهم السابقين الأولين والذين اتبعوهم بإحسان إلى يوم الدين، كما جاهدوا علياً ومن معه، وهم لمعاوية ومن معه أشدُّ جهاداً، ولهذا قال فيه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الحديث الصحيح الذي رواه أبو سعيد قال: «تمرق مارقة على حين فُرقة من المسلمين تقتلهم أدنى الطائفتين إلى الحقِّ، فقتلهم عليٌّ ومن معه إذ كانوا أولى بالحقِّ من معاوية ومن معه وهم كانوا يدَّعون أنهم يُجاهدون في سبيل الله لأعداء الله
الرد على الأخنائي ص205
الأحد، 20 أكتوبر 2013
لو جعل ظلم السلطان حولاً في كفة كان هرج الناس ساعة أرجح وأعظم
قال الطرطوشي في سراج الملوك
ومثال السلطان القاهر لرعيته ورعية بلا سلطان مثال بيت فيه سراج منير، وحوله قيام من الناس يعالجون صنائعهم، فبينما هم كذلك إذ طفئ السراج فقبضوا أيديهم في الوقت وتعطل جميع ما كانوا فيه،
فتحرك الحيوان الشرير وتخشخش الهوام الخسيس، فذبت العقرب من مكمنها وفسقت الفأرة من حجرها وخرجت الحية من معدنها، وجاء اللص بحيلته وهاج البرغوث مع حقارته، فتعطلت المنافع واستطالت فيهم المضار.
كذلك السلطان إذا كان قاهراً لرعيته وكانت المنفعة به عامة، وكانت الدماء به في أهبها محقونة والحرم في خدورهن مصونة، والأسواق عامرة والأموال محروسة، والحيوان الفاضل ظاهر والمرافق حاصلة، والحيوان الشرير من أهل الفسوق والدعارة خامل، فإذا اختل أمر السلطان دخل الفساد على الجميع، ولو جعل ظلم السلطان حولاً في كفة كان هرج الناس ساعة أرجح وأعظم من ظلم السلطان حولاً، وكيف لا وفي زوال السلطان أو ضعف شوكته سوق أهل الشر ومكسب الأجناد، ونفاق أهل العيارة والسوقة واللصوص والمنابهة؟
قال الفضيل: جور ستين سنة خير من هرج ساعة، فلا يتمنى زوال السلطان إلا جاهل مغرور أو فاسق يتمنى كل محذور، فحقيق على كل رعية أن ترغب إلى الله تعالى في إصلاح السلطان، وأن تبذل له نصحها وتخصه بصالح دعائها، فإن في صلاحه صلاح العباد والبلاد، وفي فساده فساد العباد والبلاد.
وكان العلماء يقولون: إن استقامت لكم أمور السلطان فأكثر واحمد الله تعالى واشكره، وإن جاءكم منه ما تكرهون وجهوه إلى ما تستوجبونه منه بذنوبكم وتستحقونه بآثامكم، فأقيموا عذر السلطان بانتشار الأمور عليه، وكثرة ما يكابده من ضبط جوانب المملكة واستئلاف الأعداء ورضاء الأولياء، وقلة الناصح وكثرة المدلس والفاضح.
سراج الملوك للطرطوشي (ص 97/ الشاملة)
الجمعة، 18 أكتوبر 2013
الجماعة عالم متمسك بالسنة وإن خالفه من في الأرض
عن عمرو بن ميمون الأودي: قال قدم علينا معاذ بن جبل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فوقع حبه في قلبي، فلزمته حتى واريته في التراب بالشام، ثم لزمت أفقه الناس بعده عبد الله بن مسعود فَذُكر يوماً عنده تأخير الصلاة عن وقتها فقال: ((صلوا في بيوتكم واجعلوا صلاتكم معهم سبحة)) فقلت له : وكيف لنا بالجماعة؟ فقال لي : (( يا عمرو بن ميمون إن جمهور الجماعة هي التي تفارق الجماعة ، إنما الجماعة ما وافق طاعة الله وإن كنت وحدك)).
أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (ص 160) وصححه الألباني في تخريج مشكاة المصابيح (1/61)
قال أبو شامة: ((وحيث جاء الأمر بلزوم الجماعة؛ فالمراد به لزوم الحق وإتباعه وإن كان المتمسك به قليلاً والمخالف كثيراً؛ لأن الحق الذي كانت عليه الجماعة الأولى من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابة رضي الله عنهم ولا نظر إلى كثرة أهل الباطل)).
[((الباعث على إنكار البدع والحوادث)) (ص : 22)]
وقال إسحاق بن راهوية رحمه الله: (( لو سألت الجهال عن السواد الأعظم لقالوا جماعة الناس، ولا يعلمون أن الجماعة عالم متمسك بأثر النبي صلى الله عليه وسلم وطريقه فمن كان معه وتبعه فهو الجماعة))
أخرجه أبو نعيم في الحلية (9/239).
قال الشاطبي رحمه الله: (( فانظر حكايته تتبين غلط من ظن أن الجماعة هي جماعة الناس وإن لم يكن فيهم عالم وهو فهم العوام لا فهم العلماء؛ فليثبت الموفق في هذه المزلة قدمه لئلا يضل عن سواء السبيل، ولا توفيق إلا بالله)).
[الاعتصام : (2/267)]
وقال ابن القيم رحمه الله في إغاثة اللهفان (1/70) :
وكان محمد بن أسلم الطوسي الإمام المتفق على إمامته مع رتبته أتبع الناس للسنة في زمانه حتى قال: "ما بلغني سنة عن رسول الله إلا عملت بها ولقد حرصت على أن أطوف بالبيت راكبا فما مكنت من ذلك"
فسئل بعض أهل العلم في زمانه عن السواد الأعظم الذين جاء فيهم الحديث: "إذا اختلف الناس فعليكم بالسواد الأعظم"، فقال: محمد بن أسلم الطوسي هو السواد الأعظم.
وصدق والله فإن العصر إذا كان فيه عارف بالسنة داع إليها فهو الحجة وهو الإجماع وهو السوار الأعظم وهو سبيل المؤمنين التي من فارقها واتبع سواها ولاه الله ما تولى وأصلاه جهنم وساءت مصيرا
هل يجوز التبرع بالدم ؟ فضيلة الشيخ العلامة : زيد بن هادي المدخلي حفظه الله تعالي
سؤال : فضيلة الشيخ, هل يجوز التبرع بالدم مع الدليل؟
جواب : إذا كان تتحقق به مصلحة ولا يترتب على سحبه ضرر شديد على المتبرع فلا مانع من التبرع به، وفي ذلك الأجر، بدليل الكتاب والسنة، لما في قول الله تعالى: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ -7, وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [ الزلزلة:8]. وكما في قول النَّبِي صلى الله عليه وسلم : (والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه).
ولا يجوز بيع الدم ولا أكل ثمنه.
والله أعلم.
المصدر : العقد المنضد
فضيلة الشيخ العلامة : زيد بن هادي المدخلي حفظه الله تعالي
الخميس، 17 أكتوبر 2013
مما روي في قدر حفظ الحفاظ ،
قال أحمد بن حنبل : انتقيت المسند من سبعمائة ألف حديث وخمسين ألف حديث .
وقال أبو زرعة الرازي : كان أحمد بن حنبل يحفظ ألف ألف حديث ، قيل له : وما يدريك ؟ قال : ذاكرته فأخذت عليه الأبواب .
وقال يحيى بن معين : كتبت بيدي ألف ألف حديث .
وقال البخاري : أحفظ مائة ألف حديث صحيح ، ومائتي ألف حديث غير صحيح .
وقال مسلم : صنفت هذا المسند الصحيح من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة .
وقال أبو داود : كتبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسمائة ألف حديث ، انتخبت منها ما ضمنته كتاب السنن .
وقال الحاكم في المدخل : كان الواحد من الحفاظ يحفظ خمسمائة ألف حديث ، سمعت أبا جعفر الرازي يقول : سمعت أبا عبد الله بن وارة يقول : كنت عند إسحاق بن إبراهيم بنيسابور ، فقال رجل من أهل العراق : سمعت أحمد بن حنبل يقول : صح من الحديث سبعمائة ألف وكسر ، وهذا الفتى ، يعني أبا زرعة ، قد حفظ سبعمائة ألف ، قال البيهقي : أراد ما صح من الأحاديث ، وأقاويل الصحابة والتابعين .
وقال غيره : سئل أبو زرعة عن رجل حلف بالطلاق أن أبا زرعة يحفظ مائتي ألف حديث ، هل يحنث ؟ قال : لا ، ثم قال : أحفظ مائة ألف حديث كما يحفظ الإنسان سورة قل هو الله أحد ؛ وفي المذاكرة ثلاثمائة ألف حديث .
وقال أبو بكر محمد بن عمر الرازي الحافظ : كان أبو زرعة يحفظ سبعمائة ألف حديث ، وكان يحفظ مائة وأربعين ألفا في التفسير والقراءات .
قال الحاكم : وسمعت أبا بكر بن أبي دارم الحافظ بالكوفة يقول : سمعت أبا العباس أحمد بن محمد بن سعيد يقول : أحفظ لأهل البيت ثلاثمائة ألف حديث ، قال : وسمعت أبا بكر يقول : كتبت بأصابعي عن مطين مائة ألف حديث .
وسمعت أبا بكر المزني يقول : سمعت ابن خزيمة يقول : سمعت علي بن خشرم يقول : كان إسحاق بن راهويه يملي سبعين ألف حديث حفظا .
وأسند ابن عدي عن ابن شبرمة عن الشعبي قال : ما كتبت سوداء في بيضاء إلى يومي هذا ، ولا حدثني رجل بحديث قط إلا حفظته ، فحدثت بهذا الحديث إسحاق بن راهويه فقال : تعجب من هذا ؟ قلت : نعم . قال ما كنت لأسمع شيئا إلا حفظته ، وكأني أنظر إلى سبعين ألف حديث ، أو قال أكثر من سبعين ألف حديث في كتبي .
وأسند عن أبي داود الخفاف قال : سمعت إسحاق بن راهويه يقول : كأني أنظر إلى مائة ألف حديث في كتبي ، وثلاثين ألفا أسردها .
وأسند الخطيب عن محمد بن يحيى بن خالد قال : سمعت إسحاق بن راهويه يقول : أعرف مكان مائة ألف حديث كأني أنظر إليها ، وأحفظ سبعين ألف حديث عن ظهر قلبي ، وأحفظ أربعة آلاف حديث مزورة .
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل : قال أبي لداود بن عمرو الضبي وأنا أسمع : كان يحدثكم إسماعيل بن عياش هذه الأحاديث بحفظه ؟ قال نعم ، ما رأيت معه كتابا قط ، قال له لقد كان حافظا ؟ كم كان يحفظ ؟ قال شيئا كثيرا ، قال : أكان يحفظ عشرة آلاف ؟ قال : عشرة آلاف وعشرة آلاف وعشرة آلاف ، فقال أبي : هذا كان مثل وكيع .
وقال يزيد بن هارون : أحفظ خمسة وعشرين ألف حديث بإسناده ولا فخر ، وأحفظ للشاميين عشرين ألف حديث . وقال يعقوب الدورقي : كان عند هشيم عشرون ألف حديث . وقال الآجري : كان عبيد الله بن معاذ العنبري يحفظ عشرة آلاف حديث .
من مقدمة تدريب الراوي للسيوطي
الثلاثاء، 15 أكتوبر 2013
الأحد، 13 أكتوبر 2013
فرق بين فقه من سلف وابتداع من خلف للشيخ: محمد بن هادي المدخلي
فإنه قد اجتمع إليه فقهاء بغداد في زمن الفتنة، زمن القول بخلق القرآن، زمن الجهمية حينما تسلطوا على المسلمين في عهد المأمون والمعتصم ومن بعدهما حتى عصر المتوكل؛ اجتمعوا إليه، ومن هم فقهاء بغداد؟! فحول العلماء في ذاك العصر.
فاجتمعوا إليه وقالوا: يا أبا عبد الله إن الأمر قد فشى وتفاقم ووصل إلى ما ترى وإنه ليس لهذا الرجل علينا طاعة.
يعني: السلطان الخليفة العباسي؛ فغضب أحمد - رحمه الله تعالى- وجعل يُناظرهم ويحاجِّهم في هذا ويقول لهم:" هذا خلاف الآثار؛ إنا نجد في الآثار ما صلوا فلا كفوا دماء المسلمين؛ الله الله في دماء المسلمين، اصبروا حتى يستريح بارٌ أو يُستراح من فاجر."
فقالوا له -رحمه الله- : أما ترى هذه الفتنة التي نحن فيها؟
قال:" هذه خاصة" يعني: هذه نزلت على طائفة معينة على العلماء، والعلماء يصبرون ويحتسبون في ذلك، وينظرون في هذا بنور الله، ما هذه هي الفتنة؛ لأ ثم أمرهم - رضي الله عنه- بالصبر درءًا للفتنة العامة وهي سفك الدماء "الله الله في دماء المسلمين"
---------------------
مستفاد من: شرح الإبانة الصغرى
للشيخ: محمد بن هادي المدخلي
الجمعة، 11 أكتوبر 2013
ماذا يجوز من اللباس للرجال والنساء ، وما الذي لا يجوز ؟ (أي في الحج)
سئل الشيخ الإمام مقبل بن هادي الوادعي - رحمه الله -
السؤال : ماذا يجوز من اللباس للرجال والنساء ، وما الذي لا يجوز ؟ (أي في الحج)
الجواب:
النبي -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمْ- سئل ما يلبس المحرم ؟ ، فأجاب النبي -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمْ- بما لا يجوز له أن يلبسه فيقول النبي -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمْ- : « لا يلبس المحرم القميص ، ولا العمائم ، ولا السراويل ، ومن لم يجد إزاراً فليلبس السراويل ، ومن لم يجد نعلين فليلبس الخفين وليقطعهما » أو بهذا المعنى .
والمرأة يجوز لها أن تلبس الشراب ، وأن تلبس الثوب الذي هو محرم على الرجال في حال إحرامه ، فلها أن تلبس الشراب ، ولها أن تغطي رأسها بخلاف الرجل ، فالرسول -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمْ- عند أن سقط رجل من على راحلته قال النبي -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمْ- : « كفنوه في ثوبه ولا تغطوا رأسه ، ولا تمسوه طيباً » أو بهذا المعنى .
المرأة أيضاً يحرم عليها أن تنتقب ، وما هو النقاب : أي أن تغطي وجهها ، وتجعل على عينيها نقباً فيما تغطي به وجهها ، أما إذا وجدت الرجال فيجب عليها أن تغطي وجهها لحديث أسماء -رَضِيَ الله عَنْهَا- : "كنا إذا مر بنا الرجال سدلنا الخمار على وجوهنا" ، أما حديث عائشة فتركنا الاستدلال له لأنه من طريق يزيد بن أبي زياد ، على أن حديث عائشة أصبح مشهوراً أكثر من حديث أسماء .
كتاب: " إجابة السائل على أهم المسائل ص 128 – 129"
معاوية بن أبي سفيان ـ رضي الله عنهما ـ في قلوب أهل السنة والحديث
الخطبة الأولى:
الحمد لله
الذي وسع كل شيءٍ رحمةً وعلماً، ورفع بعض خلقه على بعض منةً منه وفضلاً،
وإكراماً وإعزازاً، وله الحجة البالغة، والحِكَم الباهرة فيما اختار، ومن
اصطفى، لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون.
وأشهد أن لا إله إلا هو، الملك الكريم، الحكيم الخبير، السميع العليم، الرقيب الحفيظ.
وأشهد
أن محمداً عبده ورسوله، الذي خُتمت به الأنبياء والمرسلون، وفَتح به ربه
قلوباً غلفاً، وعيوناً عمياً، وآذاناً صماً، فصلى الله عليه وسلم وبارك،
وعلى أزواجه وذريته وباقي آل بيته، وعلى أصحابه السادة الغُرر، الأئمة
الكُبَر، البررة الأنجاب، السابقين إلى تصديقه ونصرته، والناقلين لسننه
وأحكامه، وأقواله وأفعاله وأحواله، والباذلين أنفسهم وأموالهم وأوقاتهم
لنشر دينه، وهداية الناس إليه، حتى كان جميعه راجعاً إلى نقلهم وتعليمهم،
ومتلقى من جهتهم، فلهم مثل أجور كل من اهتدى بشيء منه على مر الأزمان،
واختلاف البلدان، وتنوع الأجناس، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو
الفضل العظيم.
أما بعد فيا أيها الناس:
إن
جرأة الشيعة الرافضة والزيدية والخوارج على الصحابة بالقدح والطعن
والتنفير والتشويه ليست بغريبة منهم، ولا جديدة على أهل السنة، وكتب أهل
السنة والحديث من مختلف الأقطار وتعاقب الأزمان في الرد عليهم متكاثرة، ولا
تزال في ازدياد، ومشهورة متداولة قريبة المنال، وذلك نصرة لله ولدينه
ولرسوله وللمؤمنين.
وكذلك
بغض أهل السنة لهم بسبب ما هم عليه من الباطل في جانب الصحابة وغيره،
معروف ومستقر في النفوس، ولا تزال الأجيال تتوارثها، وتتقرب إلى الله بها،
إلا من جهل عقيدتهم، أو لبَّس عليه دعاة البدع دينه، أو كان في قلبه شيء من
دغش وهوى لا ترويه نصوص الوحي المنزل، وإنما العجب والغريب أمران:
أولهما:
أن يتجرأ بعض الكتاب والمؤلفين والمتصدرين للناس في الفضائات ممن يعدون
أنفسهم دعاة ومصلحين وموجهين للأمة إلى الطعن والقدح في بعض الصحابة
الأخيار، لا سيما الأمير المبجل الموقر، والملك الصالح العادل، والمجاهد
النبيل: معاوية بن أبي سفيان ـ رضي الله عنه، وعن أبيه ـ.
وثانيهما:
أن يخرج أقوام فيبجلون هذا الطاعن ويلقبونه بألقاب شريفةٍ أو يلتمسون له
المعاذير والمخارج، ويبقى عندهم موقراً مبجلاً، مُكْرماً مقدماً، لا تتأثر
مكانته، ولا تنزل رتبته.
أيها الناس:
إن القدح والعيب في الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان ـ رضي الله عنه ـ جريمة منكرة، وسيئة شنيعة، وقبيحة شديدة.
ومن
قدحه أو عابه أو أطلق قلمه أو لسانه فيه فقد خالف القرآن العظيم، وعارض
السنة النبوية، واهتدى بغير هداهما، وكان منحرفاً إلى هواه.
وذلك
لأن كل نص فيهما قد جاء فيه فضل الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ، ووجوب محبتهم،
ولزوم توقيرهم واحترامهم وتبجيلهم، وحرمة سبهم والطعن فيهم، فمعاوية ـ رضي
الله عنه ـ داخل فيه، وهو من أهله، لأنه من الصحابة، بل هو صحابي ابن
صحابي وأخ لصحابة - رضي الله عن الجميع -.
وقد قيل للإمام عبد الله بن المبارك ـ رحمه الله ـ:
أيهما
أفضل معاوية أو عمر بن عبد العزيز؟ فقال: لتراب في منخري معاوية مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم خير وأفضل من عمر بن عبد العزيز.اهـ
وقيل للإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ:
أيهما
أفضل معاوية أو عمر بن عبد العزيز؟ فقال: معاوية أفضل، لسنا نقيس بأصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم أحداً، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( خير الناس القرن الذي بعثت فيهم )).اهـ
وقيل للمعافى بن عمران ـ رحمه الله ـ:
أيهما
أفضل معاوية أو عمر بن عبد العزيز فغضب على السائل وقال له: أتجعل رجلاً
من الصحابة مثل رجل من التابعين، معاوية صاحبه ـ يعني: صاحب النبي صلى الله
عليه وسلم ـ وصهره وكاتبه وأمينه على وحي الله.اهـ
أيها الناس:
إن
مناقب هذا الأمير المبجل، والصحابي الموقر، ملك أهل الإسلام، كثيرة
مشهورة، ظاهرة غير خفية، وحسنٌ إمتاع قلوب أهل السنة، وتشنيف أسماعهم،
وتنوير عقولهم بشيء منها.
فمن هذه المناقب:
أنه
كان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين آمنوا به وصدقوه، ونصروه
وآزروه، وجاهدوا معه بأموالهم وأنفسهم لإقامة ونشر دين الله الإسلام،
وتلقوا العلم على يديه، ولا ريب أن شرف الصحبة لرسول الله صلى الله عليه
وسلم لا يعدله شرف.
ومن هذه المناقب:
أنه كان كاتباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، يكتب عنه الوحي الذي أُنزل عليه هداية ورحمة للخلق أجمعين.
ومن
المؤكد عند جميع أهل السنة والحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا
يختار لكتابة الوحي عنه إلا من كان عنده أميناً عدلاً مرضياً.
ومن هذه المناقب:
أنه من الخلفاء الذين لا زال الإسلام في زمن حكمهم ودولتهم عزيزاً ظاهراًعلى الأديان كلها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( لَا يَزَالُ الْإِسْلَامُ عَزِيزًا إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَةً كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ )) رواه البخاري ومسلم واللفظ له.
ومعاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنهما - أحد هؤلاء الخلفاء المُشار إليهم في هذا الحديث.
ومن هذه المناقب:
دخوله في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (( أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِي يَغْزُونَ البَحْرَ قَدْ أَوْجَبُوا )) رواه البخاري.
قال العلماء: ومعنى (( قد أوجبوا )) أي: فعلوا فعلاً وجبت لهم به الجنة أو أوجبوا لأنفسهم المغفرة والرحمة بذلك.اهـ
وأول
ما ركب المسلمون البحر غزاة في سبيل الله مع معاوية بن أبي سفيان ـ رضي
الله عنهما ـ، فقد كان أمير هذا الجيش المجاهد وقائده، وذلك في خلافة أمير
المؤمنين عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ.
فهنيئاً له هذا الوعد الجميل من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهنيئاً له هذه البشارة العظيمة الطيبة.
ومن هذه المناقب:
تولية ثلاثة من الخلفاء الراشدين المهديين - رضي الله عنهم - له إبان خلافتهم وحكمهم.
حيث
ولاه أبو بكر على بعض المدد الذي أرسله إلى بلاد الشام ناشراً للإسلام،
ومجاهداً في سبيل الرحمن، ثم ولاه عمر على بعض أقاليم الشام بعد وفاة أخيه
يزيد بن أبي سفيان، ثم ولاه عثمان أميراً على بلاد الشام كلها.
وهذا يدل على رضاهم به، وأنه ذو مكانة طيبة عندهم، وأهل وكفؤ أن يُولى.
ومن هذه المناقب:
اتساع
رقعة الإسلام، وتوسع حدود المسلمين في عهده - رضي الله عنه -، حتى وصلت
إلى حدود القسطنطينية، وإلى شمال أفريقية، وإلى حدود روسياً.
ويا لله كم ترتب على كثرة الفتوح لأمصار الناس وبلدانهم في عهده - رضي الله عنه - من إسلام الألوف، ومئات الألوف، بل والملايين.
فهنيئاً له ما سيأتيه من الأجور الكثيرة، والثواب العظيم، بسب إسلام هؤلاء، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا )) رواه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - حين أرسله مجاهداً وداعياً: ((
عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى
الإِسْلاَمِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ، فَوَاللَّهِ لَأَنْ
يُهْدَى بِكَ رَجُلٌ وَاحِدٌ خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ )) رواه البخاري.
أيها الناس:
إن سبب الكلام عن هذا الصحابي الجليل، والمجاهد النبيل، والأمير الكبير، والحاكم العادل، والفقيه الصالح، ثلاثة أمور:
أولهما:
ما عليه الشيعة الرافضة والزيدية المخذولة من تشويه لصورته الطيبة، ونسف
لتاريخه المشرق المضيء، وهدم لأعماله الجليلة البارزة في الأقطار، عبر كتب
ومؤلفات ملاليهم ودعاتهم ومرشديهم، ووسائل إعلامهم المقروءة والمسموعة
والمرئية، فمناسب أن يُدَافع عنه، وتُحيى فضائله، ويُذَكَّر أهل السنة بشيء
من مناقبه.
وثانيهما: تجرأ
بعض الدعاة الناسبين أنفسهم إلى أهل السنة، وليسوا من أهل السنة حقيقة، بل
من أهل البدع والأهواء المتعاضدين مع الشيعة الروافض، والذين تصدروا
لتوجيه الناس في بعض الفضائيات إلى الطعن والقدح في هذا الصحابي - رضي الله
عنه -، والتشويه والتشويش على سيرته العطرة.
وثالثهما: أن
هذا الصحابي ـ رضي الله عنه ـ بوابة الصحابة الباقين، فمن تجرأ عليه بعيب
أو قدح أو تشويش وتشويه انطلق إلى غيره من الصحابة، فالدفاع عنه ونصرته -
رضي الله عنه - غلق وسد للتوسع في جانب الصحابة بالقبيح أو تخفيف لشروره
وأضراره على الناس.
وقد قال أبو توبة الربيع بن نافع الحلبي ـ رحمه الله ـ:
معاوية سترٌ لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فإذا كشف الرجل الستر اجترأ على ما وراءه.اهـ
وقال الفضل بن زياد - رحمه الله -:
سمعت أبا عبد الله ـ يعني الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ وقد سئل عن رجل تنقص معاوية وعمرو بن العاص أيقال له: رافضي؟.
فقال:
إنه لم يجترئ عليهما إلا وله خبيئة سوء، ما انتقص أحد أحداً من أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم إلا وله داخلة سوء، قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: (( خير الناس قرني )).اهـ
وقال إبراهيم بن ميسرة - رحمه الله -:
ما رأيت عمر بن عبد العزيز ضرب إنساناً قط إلا إنساناً شتم معاوية، فإنه ضربه أسواطاً.اهـ
وسئل الإمام مالك بن أنس - رحمه الله - عمن يشتم معاوية - رضي الله عنه - وغيره من الصحابة بالمشاتمات المعروفة بين الناس؟.
فقال: إن شتمهم مشاتمة الناس نُكِّل نكالاً شديداً.اهـ
وسئل الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - عن الذي يشتم معاوية أيصلى خلفه؟.
فقال: لا يصلى خلفه، ولا كرامة.اهـ
فإنا
لله وإنا إليه راجعون، هو حسبنا وحسب أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم،
وناصرهم ورافع ذكرهم في العالمين، والمخذول المهزوم الذي أردى بنفسه،
وأزراها بين الناس، وأساء إليها في الدنيا والآخرة، هو من تعرض لجانبهم
الكريم أو جناب أحد منهم، ودخلت في قلبه داخلة سوء عليهم أو على أحدهم.
وأما
أهل السنة والحديث - طيب الله ذكرهم - فلن يستعملوا مع الصحابة - رضي الله
عنهم - ولا جنابهم الكريم الشريف إلا الأدب الذي أدبهم الله به، ودعاهم
إليه، ورغبهم في أن يكونوا من أهله بعد ذكره وثنائه على الصحابة الأخيار في
سور الحشر، فقال سبحانه: { وَالَّذِينَ جَاءُوا
مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا
الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا
لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ }.
بارك
الله لي ولكم فيما سمعتم، وجعلني وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه،
وأحسنه الموافق للقرآن والسنة وما كان عليه السلف الصالح، ومنه حب معاوية -
رضي الله عنه - وجميع الصحابة، والثناء عليهم ونصرتهم والدفاع عنهم، وبغض
معاديهم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخطبة الثانية:
الحمد لله معز
أوليائه، ومحب أهل طاعته، ومخزي شانئيهم ومن قلاهم، والصلاة والسلام على
نبيه المؤيد بالبراهين والمعجزات، وعلى آل بيته، وعلى الصحابة الكرام
المكرمين المرضيين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الجزاء والمصير.
أما بعد أيها الناس:
فإن
من أعظم خصال التقوى، وأجل صفات أهل الإيمان، وأحسن خلال المسلم، ودلائل
جميل الديانة، وشواهد صلاح الباطن، وعلامات وفور العقل وصحته، هو حب جميع
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسلامة القلوب والألسن جهتهم، وذكرهم
بين الناس بالجميل، وإعزازهم وإجلالهم وتوقيرهم.
وعلى
هذه العقيدة الطيبة الزاكية سار أهل السنة والحديث على مر الأزمان، وتباين
الأقطار، واختلاف الأجناس والألوان واللغات، وسيستمرون عليها إلى قيام
الساعة.
ومن
قرأ القرآن المجيد فلن يجد إلا هذه العقيدة، ومن نظر أقوال رسول الله صلى
الله عليه وسلم الثابتة عنه زادته إيماناً وتمسكاً بهذه العقيدة، ومن وقف
على أقوال أجلة أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة إليهم وجد
أنهم لا يخرجون عن هذه العقيدة الطيبة المباركة، ومن قلب دواوين السنة
المطولة والمختصرة زادته ثباتاً إلى ثبات على هذه العقيدة، وهذا الموقف من
الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ.
أيها الناس:
إن
من المسائل التي قررها السلف الصالح أهل السنة والحديث وذكروها في كتب
الاعتقاد والسنة على اختلاف عصورهم وبلدانهم ولغاتهم، هذه الثلاث مسائل:
المسألة الأولى:
الذم والقدح والتحذير والبغض والكراهية لكل من يذكر الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ أو أحداً منهم بسوء وعيب وقدح وطعن، وأنه مبتدع.
وقد قال الإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ:
من
انتقص واحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أبغضه لحدث كان
منه، أو ذكر مساويه كان مبتدعاً، حتى يترحم عليهم جميعاً، ويكون قلبه لهم
سليماً.اهـ
وقال الإمام أبو زرعة الرازي ـ رحمه الله ـ:
إذا
رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه
زنديق، وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق، وإنما أدى إلينا هذا
القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يريدون أن يجرحوا
شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وهم زنادقة.اهـ
المسألة الثانية:
السكوت
عما شجر بين الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ من الخلاف بعد مقتل عثمان بن عفان ـ
رضي الله عنه ـ حتى لا تنجر الألسن أو القلوب إلى ذم أو بغض أحد منهم فتضل
وتهلك.
ولأن
أكثر ما يروى من الأقاويل والقصص في ذلك كذب، ومنه ما زيد فيه أو نُقص حتى
تغير عن معناه الصحيح، والصحيح منه قليل، وهم فيه إما مجتهدون مصيبون أو
مجتهدون مخطئون، ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم إن
صدر، حتى إنه يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم، لأن لهم من
الحسنات التي تمحو السيئات ما ليس لمن بعدهم.
المسألة الثالثة:
وجوب
لزوم ما كان عليه الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ في سائر أبواب الدين في باب
العقيدة، وفي باب العبادات، وفي باب المعاملات، وفي الفعل والترك، وفي
العمل بالسنن واجتناب البدع، وفي فهم نصوص القرآن والسنة.
وقد قال الإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ:
أصول
السنة عندنا - يعني: عند أهل السنة والحديث - التمسك بما كان عليه أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم، والاقتداء بهم، وترك البدع، وكل بدعة فهي
ضلالة.اهـ
فاللهم اجعلنا من المتبعين لنبييك صلى الله عليه وسلم، والمتمسكين بسنته وهديه، والسائرين على طريقه.
اللهم
اجعلنا ممن يحب صحابة نبيك صلى الله عليه وسلم حباً كثيراً، وممن يتولاهم
وينصرهم، ويجلهم ويوقرهم، ويترضى عنهم، ويعرف لهم سابقتهم وفضلهم، ويستغفر
لهم، ويسير على طريقهم، ويقتدي بهم.
اللهم
ارفع الضر عن المتضرين من المسلمين، وارفع عنهم القتل والاقتتال، وأزل ما
بهم من خوف وجوع، وأعذهم من الفتن ما ظهر منها ومابطن، ووفق ولاة أمورهم
للقضاء على الشرك والبدع والمعاصي، وإقامة الدين والعدل.
اللهم
صل على عبدك ورسولك الكريم الموقر المبجل محمد بن عبد الله الهاشمي القرشي
العدناني، وعلى أزواجه وذريته، وجميع قرابته، وسائر أصحابه، ذكوراً
وإناثاً، صغاراً وكباراً، وسلم تسليماً كثيراً.
خطبة ألقاها:
عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد الحسيني الهاشمي القرشي.
بتاريخ 15/ صفر/ 1434هـ
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)