من أداب السلام على أهل الملل والتعامل معهم
قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم ((لَا تَبْدَءوا اَلْيَهُودَ وَالنَّصَارَى بِالسَّلَامِ, وَإِذَا لَقَيْتُمُوهُمْ فِي طَرِيقٍ, فَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقِهِ )) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
وهذا فيه أدبٌ من آداب السلام، وهو السلام مع أهل الملل، كيف تسلم على أهل الملل، أهل الكتاب؟ اليهود والنصارى فالنبي صلى الله عليه وسلم يرشدنا في هذا يقول: ((لا تَبْدَءوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى بِالسَّلامِ )) نحن مانبدؤهم؛ لأنَّ في السلام إكرام وتبجيل وتوقير وهؤلاء لايستحقون، لأنَّهم عصوا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لكن إن ردوا ترد أنت، فتقول: وعليكم، إذا ردوا هم السلام طرحوه فأنت ترد فتقول: وعليكم، أمَّا أن تبدأهم أنت فلا.
وهذا على عكس مانراه نحن اليوم، كثير من الناس صار يتملق ماهو بس يرد السلام، إذا رأى هؤلاء تودد إليهم بأن يسلم عليهم وهذا الذي عليه أكثر أهل العلم أخذًا بهذا الحديث، ومنهم من أجازه إذا قامت هناك مصلحة أو دفع مفسدة، المصلحة كأن تتألفه إذا رأيته قريب للإسلام لابأس، تراه قريب للإسلام يريد، الإسلام فتحسن ترجو من وراء ذلك تتألفه قال لابأس بذلك يجوز طرح السلام عليه، أو تكف شره إذا كان ذا شر وتخشاه عليك أو على الطائفة المسلمة إذا كنت بينهم تعيش، تدرأ شره لابأس يجوز أن تطرح عليه السلام، وإلا الأصل أنه لا يُسلم عليهم لأنَّهم كفروا بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم وإذا لقيتموهم في الطريق يقول صلى الله عليه وسلم: ((فَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقِهِ)) لمَ؟ لأجل ماهم عليه من الكفر، ومحاربة الله ورسوله، ومحاداة الله ورسوله، فهؤلاء كفروا بالله جل وعلا وجعلوا المسيح إلهًا من دون الله تبارك وتعالى، وأولئك جعلوا عزيرًا أيضًا ابن الله تبارك وتعالى وكفروا بأنبياء الله ورسله وقتلوا الأنبياء، وحرفوا الكتاب، وقالوا في الله -سبحانه وتعالى- مالم يقله غيرهم قالوا: ﴿يَدُ اللَّـهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا﴾ [ المائدة:64]، ﴿قَالُوا إِنَّ اللَّـهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ﴾ [ آل عمران: 181]، قالوا: ﴿نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّـهِ وَأَحِبَّاؤُهُ﴾ [المائدة:18] إلى غير ذلك مما أخبر الله به سبحانه وتعالى عنهم فلا أكفر منهم ممن آتاه الله علمًا، آتاهم الله علم وضلوا، فلذلك كانوا مغضوبًا عليهم لأنَّهم ضلوا عن علم -نسأل الله العافية والسلامة- فالنبي صلى الله عليه وسلم أرشد إلى هذا لأنَّ في هذا إذلالاً لهم، وإهانة لهم لكفرهم بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم فلا توسع له وإنَّما خذ حقك وراحتك أنت في الطريق أيها المسلم، وهذا يوم أن كان يعيش بين أهل الإسلام أهل الذمة ويؤدون حق الله تبارك وتعالى أما الآن فقد اختلط الحابل بالنابل -ونسأل الله العافية والسلامة-.
مستفاد من: شرح كتاب الجامع من بلوغ المرام - الدرس 01 | للشيخ: محمد بن هادي المدخلي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق