قال الشيخ الموفق ابن قدامة رحمه الله في المغني (12/ 238):
وَالْخَارِجُونَ عَنْ قَبْضَةِ الْإِمَامِ ، أَصْنَافٌ أَرْبَعَةٌ:
أَحَدُهَا: قَوْمٌ امْتَنَعُوا مِنْ طَاعَتِهِ ، وَخَرَجُوا عَنْ قَبْضَتِهِ بِغَيْرِ تَأْوِيلٍ ، فَهَؤُلَاءِ قُطَّاعُ طَرِيقٍ ، سَاعُونَ فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ....
الثَّانِي: قَوْمٌ لَهُمْ تَأْوِيلٌ ، إلَّا أَنَّهُمْ نَفَرٌ يَسِيرٌ ، لَا مَنَعَةَ لَهُمْ ، كَالْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْعَشَرَةِ وَنَحْوِهِمْ ، فَهَؤُلَاءِ قُطَّاعُ طَرِيقٍ ، فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.....
الثَّالِثُ: الْخَوَارِجُ الَّذِينَ يُكَفِّرُونَ بِالذَّنْبِ ، وَيُكَفِّرُونَ عُثْمَانَ وَعَلِيًّا وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ ، وَكَثِيرًا مِنْ الصَّحَابَةِ ، وَيَسْتَحِلُّونَ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ ، وَأَمْوَالَهُمْ ، إلَّا مَنْ خَرَجَ مَعَهُمْ ، فَظَاهِرُ قَوْلِ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ ، أَنَّهُمْ بُغَاةٌ ، حُكْمُهُمْ حُكْمُهُمْ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَالشَّافِعِيِّ ، وَجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ ، وَكَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ. وَمَالِكٌ يَرَى اسْتِتَابَتَهُمْ ، فَإِنْ تَابُوا ، وَإِلَّا قُتِلُوا عَلَى إفْسَادِهِمْ، لَا عَلَى كُفْرِهِمْ.
وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ إلَى أَنَّهُمْ كُفَّارٌ مُرْتَدُّونَ ، حُكْمُهُمْ حُكْمُ الْمُرْتَدِّينَ ، وَتُبَاحُ دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ ، فَإِنْ تَحَيَّزُوا فِي مَكَان ، وَكَانَتْ لَهُمْ مَنَعَةٌ وَشَوْكَةٌ ، صَارُوا أَهْلَ حَرْبٍ كَسَائِرِ الْكُفَّارِ ، وَإِنْ كَانُوا فِي قَبْضَةِ الْإِمَامِ ، اسْتَتَابَهُمْ ، كَاسْتِتَابَةِ الْمُرْتَدِّينَ ، فَإِنْ تَابُوا ، وَإِلَّا ، ضُرِبَتْ أَعْنَاقُهُمْ، وَكَانَتْ أَمْوَالُهُمْ فَيْئًا ، لَا يَرِثُهُمْ وَرَثَتُهُمْ الْمُسْلِمُونَ...
الصِّنْفُ الرَّابِعُ: قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْحَقِّ ، يَخْرُجُونَ عَنْ قَبْضَةِ الْإِمَامِ ، وَيَرُومُونَ خَلْعَهُ لَتَأْوِيلٍ سَائِغٍ ، وَفِيهِمْ مَنَعَةٌ يَحْتَاجُ فِي كَفِّهِمْ إلَى جَمْعِ الْجَيْشِ ، فَهَؤُلَاءِ الْبُغَاةُ، ... وَوَاجِبٌ عَلَى النَّاسِ مَعُونَةُ إمَامِهِمْ ، فِي قِتَالِ الْبُغَاةِ؛ ... وَلِأَنَّهُمْ لَوْ تَرَكُوا مَعُونَتَهُ ، لَقَهَرَهُ أَهْلُ الْبَغْيِ ، وَظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْأَرْضِ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق