حكمة الله في تسليط الملوك والحكام - الإمام ابن قيم الجوزية
قال شيخ الإسلام الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى:
[ وتأمَّل حكمته -تعالى- في أن جعل ملوك العباد وأمراءهم وولاتهم من جنس أعمالهم, بل كأنَّ أعمالهم ظهرت في صور ولاتهم وملوكهم؛ فإن استقاموا استقامت ملوكهم, وإن عدلوا عدلت عليهم, وإن جاروا جارت ملوكهم وولاتهم, وإن ظهر فيهم المكر والخديعة فولاتهم كذلك, وإن منعوا حقوق الله لديهم وبخلوا بها منعت ملوكهم وولاتهم ما لهم عندهم من الحق, وبخلوا بها عليهم, وإن أخذوا ممن يستضعفونه ما لا يستحقونه في معاملتهم, أخذت منهم الملوك ما لا يستحقونه, وضَرَبت عليهم المكوس والوظائف, وكلُّ ما يستخرجونه من الضعيف يستخرجه
الملوك منهم بالقوة, فعُمَّالهم ظهرت في صور أعمالهم، وليس في الحكمة الإلهية أن يولَّى على الأشرار الفجار إلا من يكون من جنسهم.
ولما كان الصدرُ الأولُ خيارَ القرون وأبرَّها كانت ولاتهم كذلك, فلما شابوا شيبت لهم الولاة.
فحكمه الله تأبى أن يولي علينا في مثل هذه الأزمان مثل معاوية وعمر بن عبد العزيز, فضلاً عن مثل أبي بكر وعمر، بل ولاتنا على قدرنا, وولاة من قبلنا على قدرهم, وكل من الأمرين موجب الحكمة ومقتضاها. ومن له فطنه إذا سافر بفكره في هذا الباب رأى الحكمة الإلهية سائرة في القضاء والقدر, ظاهرة وباطنة فيه كما في الخلق والأمر سواء ]
مفتاح دار السعادة [ 177- 178 \ 2 ]
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق