حكم النظر إلى من هو فوقك - للشيخ: محمد بن هادي المدخلي
"حكم النظر إلى من هو فوقك"
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (( انْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْكُمْ, وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ, فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اَللَّهِ عَلَيْكُمْ))
هذا الحديث فيه إرشاد عظيم، ألا وهو النظر إلى من دون، والنهي عن النظر إلى من هو فوقك لماذا؟
· لأنه يورثك القناعة هذا أولًا, والرضا بما قسمه الله -تبارك وتعالى- لك ونعم المطلب المُحصَّل من هذا الأمر، فإنك إذا رُزِقت القناعة عشت قرير العين، مطمئن النفس .
· والأمر الثاني: أن لا تزدري نعمة اللهِ عليك فإذا نظرت إلى من هو أسفل منك وجدته أشد حاجةً، فرأيت أنك في نعمةٍ عظيمة فتحمد الله على نعمه.
أما إذا نظرت إلى من هو أعلى منك ازدريت نعمة الله، واحتقرت ما أنعم الله به عليك فغفلت عن شكره جل وعز على ما أنعم به عليك ولو كان قليلا ((إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنْ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا)) أكلة، أكلة واحدة، إذا حمَدت الله عليها رضي عنك، فكيف بمن منَّ الله سبحانه وتعالى عليه بالخير لكنهُ لا يقنع بسبب النظر إلى من هو أعلى منه، فإنك إذا نظرت إلى من هو أعلى منك في الثراء، في الدنيا، في السعة، في الرزق، في المال ونحو ذلك، أورثك ذلك الحسرة، وعِشت مهمومًا مغمومًا، ولن تُحصِّل إلا ما قد كتب الله -تبارك وتعالى- لك، فالنظر إلى من هو أسفل منك هذه فائدته:
· الفائدة الأولى: أنه يُورِثُك القناعة.
· الفائدة الثانية: ما ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم أنك لا تزدري نعمة الله -تبارك وتعالى- عليك فتحمَده عليها.
قد يقولُ قائل لماذا تحُدُّون المسألة في النظر بالمال فقط؟
نقول لأنه قد جاءت أيضًا الروايات مبينة لذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنه قد جاء أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: ((إِذَا نَظَرَ أَحَدُكُم إِلَى مَنْ فَضُلَ عَلَيْهِ فِي الْمَالِ وَالْخَلْقِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ مِمَّنْ فَضُلَ عَلَيْهِ)).
أسفل منك أنت فُضَّلْتَ عليهِ فإذا رأيت نفسك في حال أفضل منه حمِدتَ الله -جل وعلا- فهذا الذي جعل العلماء يفسَّرونه بِما ذكرنا فيما تقدَّم.
مستفاد من: شرح كتاب الجامع من بلوغ المرام - الدرس 01 | للشيخ: محمد بن هادي المدخلي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق